Kabbalah.info - Kabbalah Education and Research Institute

المجتمع

معاً تحت مظلة واحدة

68126 small

 

 إنَّ إنهمار المطر له طعم مختلف ويبعث في النفس إحساساً مشرقاُ ينبع بالخير والدفء ويملءُ السدود والبحيرات لتفيض بالماء العذب مُنظفاً الساحات والطرقات من الغبار والأوساخ مودياً بالقذارة منعشاً العشب ليفوح بعطرالحياة.

لقد أخذ مؤخراً شعوراً ينتاب الجميع في لو أن يأتي أحد ما لينظيف الفساد والكذب والإدعاء كما ينظف المطر الشوارع وليجلب الأمل للناس في بناء مجتمع جديد وصالح. ولكن للسعي وراء حلم كهذا يجب أولاً العودة للنظر في أمور وأحداث السنة التي مضت وإمعان النظر فيها وفي جميع الإنجازات والأحداث التي مررنا بها أكانت سلبية أم إيجابية في تأثيرها الذي خلفته على المجتمع.

إن ليلة رأس السنة هي الوقت المناسب لوقفة الإنسان مع نفسه. فمن الأحداث التي وقعت هذه السنة والتي تركت أثراً في مذكرتنا أحداث وخسائر على مختلف أصعدة الحياة , أحداث كثيرة لا يسعنا ذكرها هنا. ولكن هناك حدث ظهر في هذه السنة والذي سيبقى ذكره دائماً في تاريخ أمتنا الفتية وهو التظاهرات الإجتماعية والتي طرحت السؤال الذي يدور في تفكير كل شخص وهو سؤال سبب غلاء المعيشة هنا. وسؤال فقدان الثقة في مختلف الأنظمة الإقتصادية والإجتماعية, والسؤال عنما يحصل في نظام التربية والتعليم والأهم من كل هذه هو السؤال عن سبب تلاشي الأمل وضياع أحلام المستقبل. ففي الإحصائيات التي أجريت مؤخراً ٩٠٪ من السكان يطالبون بالعدالة الإجتماعية وإن دلَّ هذا على شيء فإنما يدل على الحاجة الماسة في قلب كل إنسان في الإرتباط مع الآخرين من أبناء مجتمعه وهذا ليس لأن الإرتباط مع الآخرين يجعل الحياة أكثر سلاسة ولكن هذا الإحساس يُظهر لنا حاجة الإنسان للآخرين ويظهرعدم قدرة الإنسان على العيش منفصلاً ووحيداً وهذا أمر حقيقته راسخة في نفس كل منا وواقع ذو بصمة في أعماق كل نفس إذ أن الجميع يرغبون في العيش في مجتمع مبني على مبادىء العدالة الإجتماعية.

 ولكن كيف علينا أن نحقق حلماً كهذا وكيف بإستطاعتنا تأمين شعور الثقة والأمان لجميع الأطفال اللذين يعيشون في فقرٍ ولا تتوفر لديهم ضروريات وحاجات الحياة الأساسية واللازمة وكيف نستطيع مُساعدتهم ومساعدة الجميع. حلم كهذا لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق التعاون المتبادل والذي يتبلور في المسؤولية المشتركة لكل شخص تجاه أفراد مجتمعه فإن الإرتباط اللذي يخلقه التعاون المتبادل بين أفراد المُجتمع كمثال علاقة الترابط بين أفراد الأسرة الواحدة, فالأسرة تهتم بمتطلبات كل فرد فيها وكل فرد فيها يعمل لصالح الأسرة.

 محاولتنا الإجابة على كل هذه التساؤولات المعقدة كان هدفنا من إنشأ هذه الصفحة. فقد أجرينا عدة مقابلات صحفية مع أفراد من فئات متنوعة من مجتمعنا من جنسيات وأعراق وديانات مختلفة إلى أصحاب النفوذ والتجار إلى أولئك الحرفين والأخصائيين في مجالات العلم والتعليم والثقافة في محاولتنا نشر مقالات لمجلة التعاون المُتبادل وكان الجميع ذو فكر منفتح مُرحبين في مشاركة آرائهم ورغبتهم في المساهمة في بناء مجتمع يسوده التعاون المتبادل وفعالية دور كل فرد فيه في بنا هذا المجتمع من خلال المسؤولية المشتركة .

مع كل شروق شمس تحمل لنا بداية يوم جديد, وفي كل يوم جديد تولد فرصة ممتازة لبداية جديدة للشروع في بناء مجتمع جديد يسوده الوئام والأمل ولكن نعلم أن ليأخذ التغيير مجراه يجب أن نكون معاً في وحدوية ومحبة اخوية ونيَّة واحدة في الإهتمام الصادق نحو الآخرين لبناء مجتمع جديد ليأخذ طابع الأسرة الواحدة في تركيبته في إهتمام كل واحد بالآخرين في محبة وإحترام متبادل.

الفرصة اليوم متوفرة امامنا ونحن نستطيع أن نجعل من هذه الفرصة بداية لمجتمع جديد نبنيه على أساس العدالة الإجتماعية القائمة على مبدأ الصالح العام ليكن مكاناً لنا ولأولادنا لنعيش فيه بحرية وسلام . نحن نأمل في أن تكون هذه الصفحات مفيدةً  ومصدر أمل لكل من يقرأها كما وأننا نفتح المجال واسعاً أمام كل من يرغب في التجاوب معنا في ضم رغباتنا معاً لتوجيه مجتمعنا الإنساني نحو مستقبل زاهر يعمُّه المحبة والسلام للجميع.

 

مجلس وزارة التربية والتعليم

 

 

التضامن المتبادل ومن أين بدأ

من أرض شنعار من مدينه بابل هناك كان رجلاً حكيماً يعمل محاولاً أن ينشر السلام والوئام بين الناس في المدينة التي كان يعيش فيها كان اسم هذا الرجل إبراهيم. وكالعالِم الذي يبحث عن براهين علمية أخذ إبراهيم عليه السلام في النظر متحققاً ببنية وقوانين العالم من حوله في ما كان يحدث في مدينة بابل باحثاً في تاريخها ومن هنا أخذ يُرتب أجزاء صورة الطبيعة الإنسانية المبعثرة من حوله محاولاً ربط هذه الأجزاء معاً بحسب القوانين التي تأسس الكون عليها ليجد التوازن بين الطبيعة الإنسانية والبيئة التي يعيش فيها الإنسان وكيفية التأثير المتبادل لكل منهما على الآخر ودور الإنسان وهدف وجوده في هذا العالم.

من خلال بحثه ودراسة قواعد القوانيين الطبيعية وجد إبراهيم بأن الإنسان هو العامل الوحيد الخارج عن نظام وإطار هذه القوانيين التي وضعها الخالق. قد نجح إبراهيم في إدراك وفهم عمل القوة وراء الطبيعة وأدرك عظمة الفكر الذي عَمل الكون والحياة فيه وأظهر من خلال براهين علمية هدف وجود الإنسان في هذا العالم في مساعدته على تصحيح طبيعته البشرية أي "الأنا" التي ولد فيها وإحراز مصدر ومنبع الحياة من خلالها في إنسجام متكامل مع البيئة من حوله. ولكن الإنسان منهمك في المحاولة في السيطرة على الطبيعة وعلى العالم من حوله متجاهلاً جميع تحذيرات الطبيعة التي توجهها له في كل مرة يتعدى حرمة قوانينها إذ أن السعي وراء ملذات الحياة والسيطرة على من حوله وحبه لذاته أعمى بصره لدرجة أنّ حب الذات لديه فصله تماماً عن الطبيعة من حوله والتي هو جزء منها مما يُسبب له المعاناة التي يواجهها في هذه الحياة.

تنهد إبراهيم متسائلاً في نفسه "آه لو أن هؤلاء البابليون يفهمون سر الحياة هذا". عندها أخذ يُظهر لهم شارحاً القوانين التي يَسير عليها الكون وكيفية تعامل الطبيعة مع الإنسان حسب نوعية سلوكه نحوها. وأظهر شارحاً لهم أن رد فعل الطبيعة في عزل الإنسان عن الآخرين هو إعطاء الفرصة لكل شخص لينمو بشكل صحيح معتمداً على نفسه كما لو كان الإنسان يلعب لعبة الشطرنج فكلما زادت الصعوبات التي يواجهها وزادت التحديات في الوصول إلى الهدف كلما حصل على مهارة أكثر وذكاء أرفع في براعته في اللعب والوصول إلى درجة يصبح هو فيها سيّد هذه اللعبة.

هكذا الأمر أيضاً في تعامل الطبيعة مع الإنسان إذ أنها تزيد من رغباتنا الأنانية في الحصول على المزيد من كل شيء وذلك لهدف تنمية الإنسان لنفسه. وفي التغلب على الصعوبات في كل مرحلة من مراحل نمو "الأنا" في الإنسان يتلاشى حائط العزلة بين أبناء البشر وبالتالي ومن خلال هذا الترابط يستطيع الجميع الوصول إلى إنسجام مع البيئة وإدراك مسار الحياة. هذا الترابط ما يجمع البشرية بأكملها في وحدوية وكأنها عائلة واحدة فيها يهتم كل شخص بحاجات الآخرين كما يهتم الإنسان بحاجات أفراد أسرته وإن الصعوبات التي تواجه الإنسان في إرتباطه مع الآخرين للمحافظة على الوحدوية هي لعبة الحياة . هذا ما أظهره لنا سيدنا إبراهيم عليه السلام.

بخلاف لعبة الشطرنج الشيء الوحيد والأكثر أهمية في لعبة الحياة هذه أنه من الصعب بل من المستحيل أن يغلب الإنسان إذا لعب لوحده إذ أن الشرط الوحيد للربح هنا هو في التعاون مع الآخرين وهذا هو معنى التضامن المتبادل بين الناس.

إن تضاخم "الأنا" في الناس أدى بهم إلى بناء برج بابل والذي إنهار فيما بعد. هذه المجموعة من الناس اللذين تبددوا على وجه الأرض هم اللذين أنشأوا الدول والأمم والمجتمعات ولكن مجموعة قليلة من هؤلاء الناس سمعوا لتعليم إبراهيم عليه السلام ويقوم مبدأ وهدف هذه المجموعة على أساس محبة الإنسان لأخيه الإنسان. حاولت هذه المجموعة ما بإستطاعتها في المحافظة على الإرتباط معاً من خلال محبة الآخرين بالرغم من جميع الصعوبات التي واجهتها عبر الزمن.

وها نحن الآن وبعد أربعة آلاف سنة من عصر سيدنا إبراهيم عليه السلام نجد أنفسنا في عصر قد تصاخمت فيه "الأنا" وكبرت إلى أقصى درجاتها وها هي الآن تدفع الجميع ونحن معهم أيضاً لبناء برج بابل الحديث والذي يتجسد في مدى ترابط المصالح, هو الموقف الذي يجد العالم نفسه فيه في إعتماد كل دولة على الدول الأخرى للبقاء. لكن وبخلاف عصر إبراهيم إن هذه الأزمة التي نعيش فيها اليوم لا يوجد منها أي سبيل للفرار ولا للنجاة أيضاً. اليوم وأكثر من أي زمان مضى يجد العالم نفسه في حاجة ماسة إلى طريقة تساعده في التعامل مع درجة أنانية الإنسان التي إستولت على العالم والتي ستؤدي إلى تخريبه. وها نحن الآن الأمة التي وُجدت وتأسست على قانون محبة الآخرين يتوجب علينا أن نأخذ المسؤولية على عاتقنا في كوننا مثالاً حي للعالم في إثبات ما كان يعلمه سيدنا إبراهيم عليه السلام في الماضي مثبتين أن الإرتباط المتبادل بين البشر بناءً على أساس محبة الآخرين هو الحل الوحيد للمعاناة اليوم.

إن مبدأ "أحب قريبك كنفسك" والذي هو مبدأ الحياة وبنية وأساس المجتمع هو كل ما في حوزتنا لنقدمه للعالم. إن المجتمع المبني على هذا الأساس هو مجتمع صحيح في جوهره وللكراهية لا محل فيه. ففي طيات جسد "الأنا" توجد شرارة النور التي أضاءها سيدنا إبراهيم عليه السلام وهو الذي حفرها ونقشها فينا من خلال الأجيال الماضية. وإذا كان في إرادة كل منا إنعاش هذه الشرارة لتتوهج بلهيب المحبة للآخرين ستُنعش هذه الشرارة حياتنا وتجلب النمو والإزدهار للمجتمع الذي يتمنى كل شخص العيش فيه.

إن رغبتنا في التضامن المتبادل تسطع بالنور من صميم قلوبنا فالجميع يرغب في مجتمع يسوده السلام والمحبة كما العائلة الواحدة . فإن جميع الأحداث منذ بداية تاريخ البشرية إلى يومنا هذا تقودنا اليوم لإظهار مبدأ التضامن المتبادل الذي أسسه أبونا وسيدنا إبراهيم عليه السلام.

 

الطريق تجاه العدالة الإجتماعية

بدأ العالم وكافة الشعوب في جميع دول العالم في اليقظة والوعي تجاه الوضع الإقتصادي الحالي والأزمة العالمية وبدأوا يطالبون من حكوماتهم في إعارة الإنتباه لحاجات مواطنيها وإتخاذ الموضوع على محمل الجد بالسماع إلى أنين الشعب وإدراك مدى المعانة التي يعاني منها تحت نيرالأزمة الإقتصادية والتي زاد ثقلها على أكتاف الشعب والعمل على إيجاد الحل الجذري لهذه المشكلة. إن هذا الإضطراب الذي تشهده الدول المختلفة ليس عبارة عن إحتجاج تجاه غلاء المواد الغذائية وإرتفاع كلفة الإسكان فقط ولكن السبب الحقيقي والرئيسي هو في تعطش الشعوب للعدالة الاجتماعية.

إلى الآن يبدو أن مبدأ العدالة الإجتماعية وكأنه هدف بعيد المنال ويصعب تطبيقه وبما أن القطاعات العديدة وفي كل مجتمع في العالم قد لحق بها التأثير السلبي الناتج عن الأزمة الإقتصادية والذي يظهر في إنتشارالبطالة والإنخفاض في مستوى المعرفة ومستوى التعليم فإن فكرة العدالة للشخص الواحد لا بد أن تكون على حساب الشخص الآخر إذا وُجد المجال لتطبيقها. وتبعاً لبنّية ووضع المجتمع الإنساني في كافة دول العالم بدون إستثناء يبدو أن الوصول إلى أي حل سوف يزيد من الأمر تعقيداً ويجعل من فكرة تحقيق العدالة الإجتماعية أمراً ليس صعباً فحسب بل مستحيلاً مما سيؤدي بدوره إلى خيبة أمل كبيرة والتي بدورها ستقود العالم إلى المزيد من الإضطراب والعنف والذي ستكون حصيلته وخيمة في إشتعال الحروب بين الدول وبالتالي إلى دمار العالم.

ولذلك إن تطبيق فكرة ومبدأ العدالة الإجتماعية يجب أن يشمل جميع شرائح وفصائل المجتمع وعلى جميع مستوياته مع عدم إهمال أي منها. فإن موجة الإضطراب التي تجتاح الأمم منذ سنة ٢٠١١ تُظهر مثبتةً أن العالم يتغير بشكل جذري إذ أصبح وكأنه كياناً واحداً وبالتالي بدأ يتطلب منا أن نُعير إنتباهنا لكل جزء فيه أكانت أمة أو قبيلة على أنها مستحقة في التواجد والعيش على مستوى يتوفر فيه لأفرادها متطلبات الحياة الأساسية. فالإنسانية في يومنا هذا شبيهة بجسد الانسان الواحد المؤلف من عدة أعضاء ولكل عضو فيه مهمته الخاصة به والذي وجد من أجلها وكل هذه الأعضاء تعمل معاً في إنسجام لهدف إبقاء الجسد صحيحاً وعلى قيد الحياة, كل خلية في كل عضو في هذا الجسد تعمل مقدمة كل ما في طاقتها وبكامل قدرتها مستهلكةً ما تحتاجه فقط للقيام بعملها على أكمل وجه, هكذا نحن أيضاً إذ أن كل شخص منا كالخلية في جسد البشرية ويجب عليه العمل للصالح العام لإبقاء العالم على قيد الحياة.

وبالطريقة المماثلة يجب أن يكون النهج والأسلوب في إيجاد الحل المناسب شاملاً لجميع شرائح المجتمع العالمي. وكخطوة رئيسية ينبغي في أن تكون جميع المحادثات والمناقشات مع المسؤولين الحكوميين والمحتجين على الوضع الحالي جديرة بعين الإعتبار وعلى مستوى موزون وذو وقار وأن يتم عرضها بشكل محترم على الآخرين. وبما أن الكثير من الفئات لديها مطاليب عادلة يتوجب على كل هذه الفئات أن تأخذ بعين الإعتبار مطاليب الفئات الأخرى على نفس المستوى من الأهمية.

في هذا النوع من الأسلوب في خلق الجو المناسب للمحادثات لا يوجد بين الجميع من هو الصالح أو الطالح إذ يوجد هناك أناس ذو نوايا صادقة وحقيقية نحو الصالح العام للمجتمع, وهم يشاركون معاناتهم والمشاكل التي تواجههم مع الآخرين محاولين الوصول إلى حل مقبول ويتماشى مع الجميع.

فإذا أخذنا مثال الأسرة الواحدة فإننا نجد أن كل فرد فيها له حاجاته الضرورية والخاصة به فالجَد في سِنه المتقدم يحتاج إلى الدواء الضروري لكي يبقى صحيحاً والأب يحتاج إلى بدلة جديدة ليرتديها في عمله الجديد والأم تحتاج إلى مفروشات جديدة لغرفة الضيوف والإبنة تحتاج إلى دورة في تعليم اللغات والإبن حصل لتوه على رسالة قبول للإلتحاق في كلية الطب في إحدى الجامعات الراقية والتي تتطلب منه مصاريف باهضة. بالنتيجة تجتمع الأسرة معاً في جلسة يَعمها الود ليتناقشون في متطلبات كل مهنم وفي دخل الأسرة الشهري ويتجادلون في طرح كل واحد وجهة نظره والنظر إلى حاجات الآخرين لهدف الوصول إلى حل من خلاله يستطيع الجميع الحصول على ما يحتاجونه بوضع الأولوية في توزيع المصادر. فالجميع يعلمون ما هو ضروري ولا بد منه, وذاك الذي لا غنى عنه وأيضاً ما يستطيعون تأجيله لما بعد ولكن بسبب الإرتباط الذي يجمع بينهم كأفراد الأسرة الواحدة يتوافقون على ترتيب الأولويات.

نحن نرى الآن في عصرنا هذا وبسبب التعامل المتبادل بين دول العالم على المستوى الصناعي والتجاري والمالي وحتى السياحي قد تحول العالم في إرتباطه معاً وكأنه أسرة واحدة . ومع تزايد هذا النوع من الترابط في إعتماد كل بلد على الآخر يجعل مصطلح العولمة واقعاً حقيقياً.

الآن نحن بحاجة في أن ندرك كيفية التعامل معاً من خلال هذا المنظور فإذا أستطعنا تركيز تفكيرنا في هذا الإتجاه في معالجة الأمور وكأنها تواجه الأسرة الواحدة في جو يسوده الود والإحترام فهذا النهج سيخلق جواً من الأمان بين الجميع للتعامل معاً على مستوى ثقافي راقي ورفيع. وأيضا يجب أن لا نغفل عن الواقع في أن جميع البلدان وحكوماتها تعاني من العجز المالي بسبب الديون العالمية في محاولة كل دولة في تغطية إحتياجاتها المختلفة ومداخلاتها في أسواق البورصة العالمية مما أدى إلى الخسائر الفادحة لبعض الدول وبالتالي تراكم الفوائد العالية التي تقع على عاتقها مما يودي إلى تفاقم الأزمة الإقتصادية التي يعاني منها العالم بدون إستثناء. الأمر ليس محصور في عدم وجود وتوفر المصادر الكافية على وجه البسيطة لسد حاجات البشر, لا ليس هذا بصحيح, فالمصادر موجودة وكافية للجميع ولكن موضع التعامل مع الآخرين هو الذي يحدد توفير إحتياجات الجميع. ففي ترابط العالم وتعامله كما الأسرة الواحدة في إهتمام كل فرد بالآخر والإبتعاد عن الجشع والكراهية في إرادة الإنسان إبتلاع العالم لإشباع ذاته هو الموضوع الذي يتوجب على كل منا إعتباره إذا كنا نأمل بدوام الحياة في هذا العالم.

الموضوع هنا ليس في أن كل شخص سيحصل على كل ما يطلبه دفعة واحدة وفي آنٍ واحد بل يكون الوضع كما في مثال الأسرة الذي اوردناه سابقاً في سد الضروريات والأولويات أولاً والعمل على التعاون في توفير الحياة الكريمة للجميع ولكن إذا أردنا الوصول إلى هذه النقطة لا بد من أن نعمل معاً في السعي نحو الصالح العام آخذين في الإعتبار كل إنسان على وجه البسيطة. الفكرة هنا ليست في إختراع نظام جديد وتغيير قوانيين الخليقة بل تغيير طريقة التعامل مع النظام الكائن فبدلاً من العمل لهدف إشباع الفرد لرغباته على حساب الآخرين يكون العمل نحو تلبية حاجات الآخرين.

يجب أن يعي الجميع, الحكومات والمواطنين على حد سواء, الواقع في أنه ليس هناك أي طريقة أخرى أو أي حل آخر تحت الشمس لعلاج الأزمة العالمية إلا من خلال تطبيق مبدأ التعاون المتبادل في الجلوس حول المائدة المستديرة على قدم المساوة وعلى نفس درجة المسؤولية من خلال الترابط الذي يجمع البشرية تحت شعار العولمة لبناء مجتمع تسوده المحبة والإهتمام بالآخرين كإهتمام الإنسان بأفراد أسرته. فإن المشاكل التي تواجهنا في كل طريق ليست هي السبب فيما نحن عليه الآن بل إن السبب يكمن في التفكك الموجود بيننا والحاصل نتيجة إنهماك كل واحد في الإهتمام بنفسه على حساب الآخرين ونحن نرى حتى أن الطبيعة والتي نفسها تخضع لمبدأ التعامل المتبادل لإبقاء كل عنصر فيها على قيد الحياة قد ضاقت بأنانية البشر وإنفصالهم بعضهم عن البعض ويتجلى هذا في زيادة الكوارث الطبيعية من الجفاف والفيضانات والأعاصير والهزات الأرضية والأوبئة والأمراض التي بدأ الطب يعجز عن إيجاد العلاج لها, وعلماء الجيولوجيا يتنباؤن في حدوت المزيد من الكوارث الطبيعية على مجال واسع لم تشهده البشرية من قبل.

الحل الوحيد هو في التعاون المتبادل بين البشر والفرصة الآن متاحة أمامنا لتصحيح الوضع وإصلاحه لنجعل العالم مكاناً آمناً للعيش.

 

الصحيفة الشهرية

أضف الموضوع إلى صفحتك

Soundcloud


إكتشاف أسرار الوجود

إكتشاف أسرار الوجود والحكمة الخفية وراءه

 

إكتشاف أسرار الوجود
والحكمة الخفية وراءه
للتحميل الكتاب


إكتشاف أسرار الوجود - سؤال وجواب

 

إكتشاف أسرار الوجود -
سؤال وجواب
للتحميل الكتاب

دروس في علم الكابالا

self study-kabbalah.info

الحلقة الدراسية الحرة

هدف هذه الدورة الدراسية هو إعطاء 
فكرة عن ماهية علم حكمة الكابالا
وكتاب الزوهار 

  بإمكانك إرسال سؤالك من عبر الموقع 
وتتلقى جواباً