Kabbalah.info - Kabbalah Education and Research Institute

سؤال وجواب مع عالم الكابالا

شرح وتفصيل دقيق ومعلومات عامة عن الإنسان ووجوده في هذا العالم من خلال سؤال وجواب

كلمة من الدكتور وعالم الكابالا

32586337

تعلم حكمة الكابالا كيفية العيش في العالم الذي نحن موجودين فيه.

الكابالا هي منهج أو سلوك نظامي نشأ منذ آلآف السنين ودُرسَتْ من  قبل أفراد قليلين ومميزين في كل جيل . كانت مهمة هؤلاء الأفراد التأكد من توديع حكمة الكابالا في أيدي أناس راغبين وجديرين في تقبّلها.

حتى سنة ١٩٩٥ كنت منهمكًا في إنشاء وفتح صفوف لتعليم حكمة الكابالا حول العالم , حينها بدأت أواجه عددًا  كبيرا ً ومتزايدا ً من الأسئلة لدرجة لم يعد بوسعي الإجابة عليها بالطريقة العادية عندها قررت فتح موقع الإنترنت ليكون لدي المجال لتوفير الأجوبة لكل الأسئلة التي تأتي إليّ بدقة وتفصيل ولتكون متوفرة للجميع بالإضافة إلى معلومات عامة عن الإنسان ووجوده في هذا العالم . بدأ الموقع ينمو بسرعة واليوم هناك حوالي مليون شخص من كل أرجاء العالم يزور الموقع شهريًا.

بإمكان الجميع الحصول على كل المعلومات التي تتعلق بمنهج علم الكابالا وكيفية تطبيق هذا المنهج في حياتهم بالإضافة إلى المجال المفتوح والفرصة المتوفرة لديهم لإرسال الأسئلة من خلال الإيميل أو المنتديات التي تُجرى على الهواء مع المجال المفتوح للتداخل في المناقشات المباشرة على الموقع. بإمكان الجميع طرح الأسئلة الخاصة أو العامة على حد سواء.

فأنا ما زلت وغالبا ً أتعرّف بأشخاص من خلال المحاضرات التي ألقيها أو المقابلات التي أجريها والذين ليست لهم معرفة عن ماهية علم الكابالا بالرغم من أن السؤال "ما معنى وهدف حياتي" في خاطرهم وقلوبهم تتحرق للحصول على جواب. فإن كل هؤلاء يبحثون عن جواب علمي وواضح بإستطاعتهم فهمه. ولهذا السبب قررت أن أجمع كل الأسئلة التي طُرحت عليّ في مختلف المناقشات التي شاركتُ بها في كتاب ومنها إخترت هذه الأسئلة كمصدر لمساعدة أي شخص على فهم ماهية علم  الكابالا.

أشخاص مثلك والتي صحت فيهم النقطة في القلب "النقطة التي تجعل الإنسان يتسأل عن معنى الحياة" هم اللذين أرسلو إليّ هذه الأسئلة. كل الأجوبة مبنيّة على رؤيا واضحة ومستقلة نشأت من دراسة القوة العليا عن طريق حكمة الكابالا.

الأجوبة التي أقدمها لك مبنية و مسندة على آلآف السنين من البحوث والتقدم الذي أحرزه علم الكابالا, وأنت أيضاً بإمكانك إكتشاف طريقك الخاص بك.

كن على فطنة وحذر فإنك كلما تعمّقت في الدراسة كلما زادت الأسئلة لديك والتي ستجد الإجابة عليها فقط في المصدر الوحيد "النور". وتذكر أن النجاح معتمدٌ عليك أنت وحدك.

وأنا هنا ومعك إلى النهاية



طبيعة الازمة  جديد

منذ بضعة شهور مضت تباحث بعض المختصون في حوار لإلقاء الضوء على إذا ما كان هناك ركائز ومعطيات صحيحة تُشير إلى إجتياح الازمة الإقتصادية  لروسيا أصبح أمراً واقعياً كما هو الأمر في أي بلد أخر في العالم.

نجده من السهل أن ندع خيالنا يجنح بنا وراء وَهْم من الأكاذيب في محاولتنا نكران الواقع في أننا نعيش أزمة عالمية لم يعرفها العالم من قبل بدلاً من الإسراع إلى إيجاد الحلول لهذا الواقع القاسي الذي أخذ العالم يعاني منه بشكل صارم وخاصة على الصعيد الاقتصادي. إننا نسير في طريق مسدود باذلين جهودنا في تصور مخارجٍ وهمية قاضين فيها على أنها مجرد أزمة بسيطة وواحدة من الأزمات التي مرَّ بها العالم من قبل وخرج منها في بدايةٍ جديدةٍ ولهذا سوف ندفع الثمن باهظاً في محاولتنا تمويه الواقع الحقيقي لهذه ألازمة في يومنا هذا وكأننا نعيش حلماً بأن الحياة وردية وأن المشاكل التي نصادفها في الطريق ليست إلا عبارة عن عقبات سهلة التخطي وبإمكاننا السيطرة عليها بزيادة السيولة النقدية في محاولتنا في إنعاش الأسواق المالية والبنوك وفي كفالة بعض من الدول في محاولة إنقاذها من مأزق التدهور الإقتصادي الكامل معتقدين بأن هذا الحل سيشكل الجسر الذي سينقلنا إلى بر الأمان .

صرح تقرير خاص بعلم النفسي قائلاً بأن إستثمار وإدخار المال أصبح أمراً غير كافٍ ليعطي الإنسان الشعور بالطمائنينة نحو المستقبل والأمان في توفير حياة سعيدة خالية من القلق والمخاوف المالية مشبهاً حلول طباعة الأوراق المالية ببئر لا قعر له وطبعاً قد تجلى هذا في محاولة إنقاذ اليونان لعدة مرات ورأينا كيف أن جميع المحاولات قد باءت بالفشل. كما صرح التقرير بإنَّ الوهم الذي نعيش فيه في أننا مسيطرين على هذه الأزمة الإقتصادية وأننا نعرف الحل  نابع من عدم محاولتنا في تغير وجهة نظرنا الفكرية لإدراك السبب الحقيقي للأزمة التي يزداد كربها يوماً بعد يوم في كل بلدٍ في العالم وفي رفضنا للواقع بأن الأزمة في يومنا هذا أزمة شاملة وتختلف عنما عرفه العالم في الماضي ولطالما نحن نعيش في هذا الوهم في نكران حقيقة واقع الحياة اليوم سنبقى غير قادرين على العمل على تجسيد السبب الأساسي وتطبيق الحل الصحيح لحل الأزمة الإقتصادية وخلق الإنسجام في عالمنا لتوفير حياة يجد فيها كل إنسان إينما وُجد على وجه الأرض الإكتفاء والسعادة. ففي يومنا هذا عالمنا مختلف عنما كان عليه الأمر في القدم فالتطور والتكنوكوجيا التي توصلنا إليها والتي ربطت العالم معاً وكأنه دولة واحدة ومناهج الحياة في مجتمعنا العالمي والتي تختلف عنما كانت عليه قبلاً من ناحية الإحتياجات والمتطلبات وإن لم يخرج الإنسان من قوقعة الفكر القديم ويواجه الواقع الحقيقي لن يتمكن من إدراك واقعية الأزمة والوصول إلى جذورها ليستطيع إيجاد الحل المناسب والسليم للعالم .

إن أسباب الازمه الاقتصاديه يتواجد في ذاتنا وفي تفكيرنا وفي علاقاتنا معاً لذلك نجد أن الحلول التي يحاول العالم تطبيقها غير مُجدية في تحسين المجال الصناعي والتكنولوجي وغيرها فإن الفكري الإنساني له حيزٌ كبيرٌ ويلعب دوراً مهماً للغاية في تغير الواقع الأليم الذي نعيش فيه وبتغير تفكيرنا في معرفة السبب الصحيح عندها فقط سنتمكن من تغير الوضع الحالي والذي بدوره سيتجلى في الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي .

تعليق عالم الكابالا:  لقد أشرتُ شارحاً لهذا من قبل وما زلت أقول اليوم بأن السبب الوحيد للأزمة اليوم هو الإنسان والحل الوحيد لهذه الأزمة يكمن في الإنسان نفسه. فكل شيء في الطبيعة متواجد في إنسجام تام حتى لو أنه يبدو للإنسان في بعض الأحيان العكس ولكن الكل خاضع لقوانين الطبيعة ويعمل معاً في توازن تام ما عدا الإنسان الذي هو العنصر الهام في الطبيعة والوحيد الخارج عن قوانينها وذلك بأنانيته التي فاقت حدها حتى في محاولة إيجاد السعادة والإكتفاء لنفسه. فالإنسان بجشعه ومحبته لنفسه على حساب الآخرين هو سبب الأزمة التي توصل إليها العالم في يومنا هذا والحل الوحيد للأزمة السياسية والإجتماعية والإقتصادية وحتى للكوارث الطبيعية يكمن في الإنسان نفسه في علاقته مع الآخرين وفي تعامله اللا أناني مع أفراد جنسه.



سؤال:  هناك العديد من الناس اللذين لا يدرسون علم الكابالا ومع هذا يفهمون أهمية العطاء وهم يعملون على مساعدة الآخرين وإعالتهم في الظروف الصعبة, هل بإمكانهم إظهار العالم الروحي في محاولتهم هذه في مساعدة الآخرين على هذا النحو؟

الجواب: لماذا يريد شخص ما أن يساعد إنسان غريب؟ فإن الطبيعة الغريزية لدى الإنسان تملو عليه بأن " تعتني بنفسك أولاً وإذا كان بإستطاعتك الإستفادة من الشخص الآخر إذاً عامله بالحسنة وإذا كان الأمر لا يعود عليك بالفائدة إذاً لا داعي للمبالة". إن رد الفعل هذا طبيعي ويتماشى مع قانون الطبيعة.

المشكلة هي في أن الناس يعتقدون بأنهم غير خاضعين لقوانين الطبيعة وذلك لعدم معرفتهم بها إذ قد إخترعوا قوانينهم الخاصة بهم  والتي تزعم مدعيةً ضرورة تطبيقها على المجتمع والناس. الشيوعيين أبادوا الملايين من الناس في إدراكهم لهذا المبدأ التجريدي. يجب علينا أن ندرس ونفهم قوانين الطبيعة والعالم الذي نعيش فيه ونعرف كيف يتوجب علينا السلوك في هذه القوانين بدلاً من محاولتنا في إختراع قوانين جديدة لا أساس لها وبدون أي مبدأ علمي تستند إليه وإلاّ  فسنصل إلى النتيجة نفسها التي وصلت إليها روسيا في محاولتها في أن تكون المثال السامي للعالم أجمع, هكذا وبالنتيجة كانت مثالاً ولكن فقط مثال ما يجب علينا تفاديه والإبتعاد عنه.

من المستحيل على أي شخص أن يعمل حسناً تجاه الآخرين هكذا فقط ومن دون أي مقابل لأن هذا يتماشى بشكل عكسي مع قانون الطبيعة. فطبيعتنا تُحكم علينا جني الربح الوفير مقابل تقديم أقل ما يمكن من الجهد ومن المصادر التي في حوزتنا. فهذا هو القانون, إسأل أي عالم في علم النفس أو علم الإجتماع أو عالم البيولوجيا "المتخصص في علم الأحياء". فإن تاريخنا وطبيعتنا يشهدون بأننا غير قادرين على أن نتواجد معاً ونتحد في نية صافية من تلقاء أنفسنا ولكن البيئة التي نعيش فيها هي ستجبرنا على ذلك فإن كل الذين يحاولون أن يتحدوا في رباط الوحدة فيما بينهم هم اللذين يسببون الحروب في العالم.

معرفة علم الكابالا تظهر في الوقت الذي فيه يبدأ العالم يشعر بالإحباط واليأس من وصوله إلى نقطة لا يعود الإستطاعة فيها إحراز أي نوع من التقدم أو الوصول إلى أي إختراعات جديدة لإعطاء الإحساس بالإكتفاء الذاتي لتقدم للبشرية الطريقة في إرتباط الإنسان بجذوره التي نشأ منها في العالم الروحي كي يتمكن من تصحيح طبيعته الأنانية. في البداية يبدو هذا الحل على أنه حل غير واقعي, ولكن إن موضوع تغيير الطبيعية الإنسانية موضوع غير منطقي ولا واقعي بحد ذاته إلا أنه أمر محتم لبقائنا. لهذا السبب في النهاية ستقبل البشرية أسلوب ومنهج علم الكابالا على أنه الطريقة الوحيدة لإنقاذ العالم. السؤال الوحيد الذي يبقى هنا هو كم من الوقت وكم من المعاناة يكون كافياً للوصول إلى هذا القرار.
     

سؤال:  كيف يكون بإمكان البشرية أن تتحد كجسد واحد؟

الجواب: إن الخالق هو الذي ينجز ويتمم العمل بكامله من دون مساعدة أي إنسان, فهو الذي يملئ الوجود وكل ذرة فيه, فهل يمكنك الآن أن تتخيل كم من الصعب علينا المحاولة في الإتحاد فيما بيننا كمبادرة من تلقاء أنفسنا. الأزمة العالمية قد أصبحت اليوم واضحة للجميع, ونحن نجد أنفسنا مقيدين لا نستطيع الفرار في أي إتجاه, إذ نحن نشهد معاً ظهور إعلان العالم الروحي ونظامه وظهور نوعية الرباط الذي يجمع بيننا نحن البشر. فقد حاولت البشرية عبر التاريخ أن تصل إلى نوعاً من الوحدة أو محاولة إيجاد أي من أنواع الإرتباط على هذا المستوى ولكن بدون أي جدوى. فقد كان ممكناً الوصول إلى أي نوع من التسوية للوضع أو حل وسط لإصلاح أزمة العالم في الماضي وأما اليوم  فمحاولاتنا ستبؤ بالفشل لا محالة. 

لذلك من الضروري معرفة الذي يملاْ الوجود كله حتى الفراغ الذي يفصل بين الإنسان والآخر. فإنه في عدم تواجد " الخط الوسط " ومساعدة الخالق من خلاله فلن يستطيع أي منا تأسيس أي نوع من الإرتباط بينه وبين أي إنسان آخر. إلى أن نصل إلى إدراك ضرورة هذه المعرفة  سنبقى نواجه مشاكل في العلاقات العائلية وعلاقاتنا مع أولادنا وأقاربنا ومع كل إنسان آخر. وهذه المشاكل ستتضاخم حتى يصبح من المستحيل إحتمالها.

سؤال: كيف بإمكاننا تجنب الكوارث الطبيعية التي على وشك الوقوع؟ ماذا نستطيع أن نعمل؟

الجواب: ربما أنت بحاجة إلى بناء قُلك كما عمل سيدنا نوح وإختبأ به. إن "سفينة نوح" ترمز للسفيرا "بينا" وهي سمة العطاء المطلق يدخل الإنسان داخلها وهي التي  تُنجيه إذ تحتضنه في داخلها وتُغلق عليه بأحشائها كالجنين في الرحم فهي تحيط به من جميع النواحي.

تستحوذ السفيرا بينا على السفيرا ملخوت وتحميها من النور الخارق والقوي الذي يتمثل في الطبيعة على شكل الأعاصير الإستوائية والحرائق وإلى ما آخره من الكوارث التي تتجسد في الطبيعة. فإن جميع الكوارث الطبيعية ليست إلا تجلي نور حوخما من دون نور حسديم أي ظهور قوة النور الإلهي المتمثلة في يوم الدين من دون الرحمة الإلهية. تحدث الكوارث من قبل النور الساطع بشكل مباشر غير مؤتزراً برداء الحب والرحمة النابع أيضاً من الخالق العادل ولهذا السبب أنت تشعر به وكأنه لسعات نار محرقة وبدلاً من أن يحتضنك النور ويحميك تشعر به وكأنه يضربك ضرباً مُبرحاً. ولكن إن نفس هذا النور المباشر عندما يكون مؤتزراً بنور الرحمة والمحبة الإلهية يحضنك كما الجنين في الرحم ويحميك كي لا يُصيبك أي مكروه ولكن من دون نور الرحمة أنت ستشعر بالضربات إذ أنت فاقد الحماية. وهكذا فإن كل مراحل التصحيح التي نمر فيها محصورة في جذب نور حسديم أي نور الرحمة والذي هو القوة الكامنة في السفيرا بينا.

سؤال: كيف أستطيع أن أكتسب القدرة فوق حدود المنطق في العالم الروحي؟ 
الجواب:  مصطلح "فوق حدود المنطق" معناه فوق قدرة الجسد أي الإرادة في التقبل للذات. عبارة  "فوق حدود المنطق" هي صفة توجد في داخل سمة العطاء المطلق ومن أجل إكتساب سمة العطاء في ذاتنا يجب علينا الإرتقاء فوق إرادتنا ورغبتنا الأنانية لذلك يجب الخروج فوق حدود المنطق الدنيوي لدخول العالم الروحي. طبعاً أنه من المستحيل التغلب على طبيعتنا الأنانية من تلقاء أنفسنا لذلك نحن بحاجة إلى النور الأعلى "النور المحيط" الذي يجتذبه الإنسان من خلال البحث والدراسة في علم الكابالا.

كلمة "منطق" تعني الرغبة. وداخل الرغبة تتواجد لدي القدرة على الشعور والرؤية والتفكير وتحليل الأمور معتمداً على تقييم نسبة الفائدة التي ستعود عليّ أو على العكس تقييم نسبة الضرر أو الأذى الذي سيلحق بي إذا قررت التصرف لتحقيق رغبة معينة في قلبي وتقدير إذا ما كان الأمر مُستحقاً الجهد من ناحيتي في إستخدام هذه الرغبة أم لا. وهكذا أصل إلى نتيجة من خلالها أستطيع إدراك  رغباتي. من هذه الناحية أنا لا يوجد لدي أي مشكلة فأنني وبناءً على هذه التقيمَات  أعيش في هذا العالم مُسيراً أمور حياتي على هذا النحو. طبعاً وفي كثير من الأحيان يكون لدي الثقة في نسبة صغيرة فقط من نتيجة تحليلي للأمور والشك يشمل أكثرها. وهذا أمرٌ طبيعي, فالحال أيضاً كذلك بالنسبة لدراسة مواضيع أي علم من العلوم إذ نحن نستخدم نظرية الإمكانية في أي مجال لا تتوفر فيه لدينا المعلومات الحاسمة والمؤكدة ولكن يوجد دائماً نسبة صغيرة من المعلومات الصحيحة والتي يمكن الإعتماد عليها بشكل موثوق.

ومن ناحية أخرى إنّ  الإيمان فوق المنطق أو فوق المعرفة يكون في حال عدم توفر أي سندٌ أو حجة أو وسيلة تمكنني من إدراك الأمر بالإضافة إلى هذا أنا لا أعي أو أدرك معنى كلمة "فوق" في هذه العبارة, فلو أستُخدمت كلمة تُشير إلى معنى معاكس للمنطق عندي عندها أنا قادر على تحليل الأمور من ناحية كيفية سلوكي وفقاً للمنطق الذي أقيّم به كل شيء من حولي ومن ثم أتصرف بالأسلوب المعاكس بالضبط لما يمليه عليّ منطقي أنا. ولكن ومع ذلك هذا النوع من التفكير ما يزال يُعتبر تحليل منطقي للأمور من ناحيتي. ولكن كلمة "فوق" أنا لا أدرك كيفية إستخدامها في التحليل المنطقي للأمور لأنها عبارة أو مصطلح خارج نطاق حدود الإرادة الذاتية التي كونت منها أنا.

 أنا ليس لدي ولا حتى فكرة ولو صغيرة عن معنى "الإيمان فوق المنطق" فأنا لا أعلم أي نوع من المنطق أو الفكر الذي توحي إليه هذه العبارة ولا أي نوع من الشعور المُستلزَم هنا في تحليل الأمور. كلمة المنطق في عبارة "الإيمان فوق المنطق" معناها نموذج ووسيلة لفهم الأمور وغايتها وهذا النموذج غير موجود في داخلي كي أستطيع فهمه. لذلك النور هو الوحيد الذي بقدرته أن يمنحني هذا الأسلوب في إدراك الأمور لأن عبارة "فوق المنطق" تعني من أجل العطاء المطلق وهو مبدأ لا يتوافق مع منطقي أنا في تحليل الأمور ولا يتوافق مع رغبتي في حب الذات وذلك بسبب طبيعتي الأنانية. وكما أشرت سابقاً إن لم يوجد الشيء داخل رغبتي أنا فلا يمكنني معرفته ولا إدراكه. إذاً كيف بإستطاعتي إكتشافه؟ لا أعرف! وبواسطة أي نوع من الرغبة؟

بناءً على قانون "أحب قريبك كنفسك"  يقول علماء الكابالا إذا وصلت إلى مرحلة أنت فيها قادر على إدراك رغبة  "قريبك" وكأنها رغبتك أنت وإذا إستطعت تحليل الأمور فيما يتعلق برغبته هو ومن أجل صالحه هو فهذا يكون فوق حدود المعرفة والمنطق لديك. ولكن للوصول إلى هذه النقطة في تطبيق ما ذكرته يجب عليّ أن أحصل على قوة عظيمة ليست في حوزتي, فبواسطة هذه القوة أستطيع التخطي خارج حدود إرادتي لما هو "فوق المنطق" وبدون هذه القوة يكون من المستحيل الخروج من حدود هذه الرغبة التي هي جوهر كياني كإنسان.

إن النور "الخالق" الذي خلقنا هو الوحيد القادر على تغييرنا, لذلك يجب علينا إستخدام كل ما وضعه النور في متناولنا من وسائل لهدف إيقاظ وتنبيه النور لكي يؤثر علينا. فإننا نستطيع معرفة مدى نجاحنا من خلال قوة تأثير النور علينا.

في هذه المرحلة وإلى الآن إن جميع الأفكار والأحاسيس التي تراكمت داخل الرغبة غير قادرة على مساعدتك في أي شيء بل وعلى العكس إنها ستشكل عَقَبَة أمامك, وإذا قمت بتقييمٍ يومي لكل ما وصلت إلى معرفته عن العالم الروحي فإنك سترى أنه في الواقع أنت لم تدرك أو تصل إلى شيء بالرغم من الجهد الذي بذلته, وسيكون الأمر على حاله اليوم وفي اليوم الذي يليه وأيضاً ستشعر بالحِيرة والإرتباك بالرغم من الجهد الذي تبذله, أما في اليوم التالي وفجأة ستشعر بنوع من الثقة بالنفس وتشعر بأنك إقتنيت مزيداً من الحكمة  وهكذا هو الحال. ففي كل يوم تزداد ظاهرة سلبية عليك فهي ناجمة عن الواقع في أنك قاطن داخل الرغبة الأنانية وحب الذات لديك, وأنت تفتكر دائماً بأن النور هو الوحيد القادر على مساعدتك ولكنه لا يأتي لنجدتك, إذاً ما الذي بإمكانك عمله في هذا الموقف ؟ يجب عليك أن تتصدى متحدياً المنطق العقلاني حتى تتمكن من الإرتقاء إلى درجة ما فوق المنطق.

سؤال: إن السؤال "ما هو هدف حياتي" هو بداية ظهور الرغبة عند الإنسان في إظهار وَحِي ومعرفة الخالق. فأنا أريد أن أعلم من الذي خلقني ومن أين نشأت ومن الذي يدير حياتي؟ من الذي خلق الكون من حولي ولماذا وضعني هنا في داخل هذا العالم الكبير؟ ما الذي يطلبه مني في كل لحظة من حياتي؟ لماذا يعطيني من قلة الراحة دافعاً إياي نحو المجهول؟

عندما تبدأ هذه الأسئلة تتناثر في ذهني وبين أفكاري تصبح وكأنها السُمُ الذي يَبغي في القضاء على حياتي إذ لا يعود بإستطاعتي العيش من دون إظهار معرفة الخالق لأن هكذا صنعني الخالق إذ كونني تاركاً بَصْمَته في داخلي وعلى جميع رغبات قلبي. فإن رغباتي كالقالب الذي يَعْكِس تأثير النور علي وإلى أن أجذب النور إليّ  لأمْلئ  به هذا القالب فأنا لن أستطيع أن أجد الراحة في حياتي بل تصبح هذه الحياة أسواء من الموت عندي وأصل إلى مرحلة أقدِم فيها على عمل أي شيء مقابل إيجاد ولو المقدار القليل من الإكتفاء في داخلي لأستطيع الإستمرار في العيش.

لذلك إن واجبي محصور في توضيح كيفية إظهار النور وفي كيفية حصولي عليه, وطبعاً هذا عمل ليس بقليل ولا هو أمر بسيط فإنه من أجل هذا بالضبط  دعيت حكمة الكابالا  "حكمة التقبل". إن كلمة التقبل أو القُبول في العالم الروحي ذات معنى مخالِف لما هو متعارف عليه في عالمنا هذا الذي نعيش فيه, فمثلاً إذا كنتُ عطشاناً أشرب قليلاً من الماء لأُطفىء ضَمَئي, لا يمكنني في العالم الروحي أن أُشبع رغبتي هكذا وبشكل مباشر فليس الأمر على هذا النحو لأن الخالق لم يعطيني رغبة مُهيّأة لقبول النور ولكن يحب عليّ أولاً تنقية الرغبة وتصفيتها بوضوح, فهو يريدني أن أتحقق من الذي أريده, أتحقق من معرفتي للنور ومن إدراكي المؤكد بأن النور هو الذي فيه أعظم شعور بالإكتفاء التام لرغبة قلبي والذي تصبو نفسي إليه. وهو يريدني أن أجرب كل أنواع الرغبات وكل أساليب الإكتفاء  إلى أن أصل إلى مرحلة أثبت لنفسي فيها مؤكِداً ما أريده مقتنعاً بأن النور هو الشيء الوحيد الذي أريده.

فالخالق غَيورَ جداً ومن الصعب إرضائه فهو يريدني أن أحبه لوحده فقط وهو يؤكد لي هذا بإظهاره في داخلي كل هذه النَزَعات والميول التي من الممكن أن تستحوذ على رغباتي لأصل إلى القرار الحاسم في أنني لا أرغب أي شيء آخر بجانبه وأنه هو الوحيد دائماً وسيبقى إلى الأبَد الوحيد في حياتي دون غيره. كما ورد في مزمور الملك داود إذ قال: "أُنظر ما أطيب الرب".

من الزوهار

في مقال "الوردة" الذي ورد في مقدمة كتاب الزوهار  هناك شرح لمراحل أو درجات النور يقول فيها: "هذه الأنوار الخمسة هي النور الذي خلقه الخالق في اليوم الأول من خلق الخليقة, وكان آدم ينظر هذا النور من أول نهاية العالم إلى آخره". سؤالي هو: لماذا قال الكتاب من أول نهاية العالم إلى آخر نهايته ولم يقل من بداية العالم إلى نهايته؟
الجواب: بحسب قدرة إدراكنا للأمور نحن موجودين ونعيش بين خاصتين أو صفتين متميزتين, من جهة يوجد خاصية يوم الدين ومن الجهة الأخرى هناك خاصية الرحمة والعالم الذي نعيش فيه وضع في الوسط بين هاتين الخاصيتين اللتين تحده بقياس حجمه بالضبط وكأنهما لباس ذو القياس الكامل له لذلك وبسبب هذا نحن لا نستطيع رؤية العالم من بدايته وحتى نهايته. ففي كل مرحلة من مراحل النور يكون العالم فيها محدود محدود حجم  "الكلي" اي الإناء الروحي لدينا والتي هي الشيء الوحيد الذي بإمكاننا من خلاله إكتشاف معرفة ورؤية العالم من نقطة البداية إلى النهاية.

من الراباش

من كتابات عالم الكابالا الراباش من مقال عدد ٥٤٥ والذي بعنوان "العمل ونتيجة الجهد" كتب قائلاً "إن من يقول إني بذلت جهداً ووجدت هذا صدِّقه" ولكن كيف وفي أي حال يكون جهد الشخص عاملاً مرتبطاً بما يجده إذا كان ما يجده الإنسان "كلقيةٌ" يأتيه من مكان لا يتوقعه؟ يصبح العالم الأعلى ظاهراً لي كمكان أبحث فيه لأجد ما أستطيع إيجادُه, فأنا أريد أن أتلقى شيئاً معيناً في خاطري ولكن فجأة ً أجد نفسي أنني قد وجدت شيئاً آخر. فها أنا قد قضيت سنين عديدة أعمل جاهداًً في البحث والدراسة كي أحصُل على مكافأة معينة. لماذا إذاً مكافأتي تحولت إلى"لقية" الآن؟

الجواب: المسألة هنا هي أنني كنت أبحث عن الهدف على أساس المعرفة والأحاسيس التي كانت لدي حينما بدأت في بداية الطريق ولكن مع مرور الوقت وتقدمي في الدراسة والبحث تبدأ أفكاري تتغير وذلك بواسطة النور الذي ينمي الوعي لدي إذ يعطيني فكراً جديداً وإحساساً جديداً يتناسب مع ما بدأت أجده, شيءٌ لم أكن أتوقعه أو أفكر فيه من قبل. وهكذا أجد نفسي أنني أتلقى ما لم كنت أسعى وراءه  فبدلاً من المكافأة التي كنت أترقبها وأود الحصول عليها قد وجدت شيئاً أخر يتناسب مع حاجتي في المرحلة التي أنا فيها.

في عالمنا  المادي نحن نطلب المكافأة المُتَّفق عليها سابقاً مقابل الجهد المبذول, أما في العالم الروحي فالأمر يختلف, إذ كلما بدأت أهمية رغباتنا الأنانية تتلاشى فإن أحاسيسنا تتغير وعندما نتخطى درجة أعلى نحو العالم الروحي نجد بأن هناك أشياء أخرى تنتظر بأن نجدها لم نتوقعها من قبل.

لإجاد الحل المناسب لمشاكل العالم يجب العودة إلى الجذور.

لنأمل بأن كل جهودنا التي نبذلها من كل قلوبنا وبصدق أن تجعلنا على درجة إستحقاق لننال نعمة من عند العلي بإغداق لطفه علينا في تجنب المعاناة والمصائب التي تنسكب علينا في هذا العالم. يجب أن نركز تفكيرنا ونبذل أقصى جهودنا في هذا الطريق في ترك تأثير إيجابي على العالم من خلال إرتباطنا معاً. فإن الأسلوب الذي نتبعه في العمل مهم جداً.  ليس المقصود بعبارة "التأثير الإيجابي" هو الحد أو إزالة كل ما نعتبره  سيء والقضاء عليه. نحن لا نستطيع إزالة أو تصحيح السيء ولكن إهتمامنا يجب أن يكون مُنصباً نحو تقدم الناس الروحي للإرتقاء إلى مستوى العطاء وفي الإرتباط معاً برباط المحبة عندها ومن خلال هذا الإرتباط نؤثر على الطبيعة من حولنا لنغير أحداثها السلبية نحونا.

لا تأتي في أسلوب تواجه مع الطبيعة مُحاولاً منع وقوع الكوارث فهذه صلاة وطلبة غير صحيحة وليست مجدية لأنك لن تستطيع السيطرة أو تغيير مجرى الأحداث بل أنه من الأكثر جدوى هو أن تستهدف السبب الذي يؤدي إلى وقوع هذه الأحداث أي أن تستهدف مصدر المشاكل والإضطرابات  والظواهر السلبية في الطبيعية. فالمشكلة موجودة في داخلنا نحن ولهذا يتوجب علينا إصلاح ذواتنا فهذا هو كل ما في الأمر.

يجب علينا الإرتباط معاً في وحدوية الخلايا في الجسد الواحد وتكون لدينا الرغبة في أن يكون هذا الإرتباط الذي يجمع بيننا هو الوسيلة في مساعدة العالم في السعي نحو تحصيل هذا الإرتباط الذي من خلاله يكون التأثير مجدي في السيطرة على جميع الأحداث السلبية التي تحدث الآن وتلك التي في المستقبل والتي ستعمل في أسلوب يحثنا نحو التصحيح بالقوة الجبرية.
 

من اليابان

في ضوء الهزة الأرضية التي إجتاحت جزر اليابان نستطيع أن نرى تهديد الطبيعة لوجودنا وحياتنا على الأرض. ففي الواقع نحن نوجد على الكرة الأرضية الأرض والتي هي ليست إلا طبقة رقيقة من أديم الأرض على وجه بركان عظيم متقلب في عمق الأرض. فإنه من أعماق الأرض نستخرج البترول ومشتقاته والماء الضروري لإستمرار الحياة وكافة أنواع المعادن كما ونستخدم النباتات والحيوانات والتي توجد على وجه البسيطة كمصدر للغذاء ونتنفس الهواء الذي في الغلاف الجوي والذي يحيط بالكرة الأرضية, ففي الحقيقة نحن معتمدين وبشكل كليّ على كل ما ينشأ ويحدث لأديم الأرض هذا. وإلى جانب كل هذا نحن خاضعين أيضاً  لتأثير عوامل أخرى كثيرة كقوة الجاذبية والمجال المغناطيسي وأنواع الأشعة المتباينة وسرعة دوران الأرض وعوامل أخرى متعددة ولكن نحن في الواقع لا نعي أنه أقل تغيير يحدث في أي من هذه العناصر في محيطنا له تأثير أساسي وجذري على حياتنا. فإن جميع التغييرات التي نشهدها في الطبيعة ناتجة عن سبب عدم التوازن بين هذه العوامل أو القوات والناتج بحد ذاته عن السلوك البشري الغير متوازن. فإن الكون بأكمله عبارة عن نظام واحد ومتكامل والذي يتضمن كافة درجات الحياة من مستوى الجماد  إلى النباتي إلى مستوى الأحياء "عالم الحيوان" وإلى درجة الإنسان. إن الجزء الأكبر من الكون ينتمي إلى مرحلة او درجة الجماد في الطبيعة  فالكون كله والذي يتضمن الكرة الأرضية وكافة النباتات التي تغطي سطحها مع كافة عالم الحيوان في كل أجزاءه ليس للإنسان إلا جزء ضئيل جداً فيه . ولكن الأمر يختلف من ناحية تقدير الأمور هنا  فالذي نأخذه بالحسبان هنا ليس الكم أو الحجم بل نوعية القوات ولهذا يستطيع الإنسان والذي هو على درجة عالية من النمو التطور أن يغير

وضع الكون بأكمله من خلال فكره. في عبارة أخرى عندما يقوم الإنسان بأي عمل أكان عمل سيء أو جيد فإنه بسلوكه هذا يستطيع التأثير على محيطه إما بشكل إيجابي أو بشكل سلبي وتأثيره يكون على كافة مستويات ودرجات الطبيعة وهذا بسبب النظام الواحد الذي يحكم الجميع. وبما أن الإنسان هو الوحيد الخارج عن نظام الطبيعة وليس خاضعاً لقوانينها لهذا يجب علينا تغيير نوعية سلوكنا وإحراز التوازن فيما بيننا كبشر عندها فقط يكون بإمكان جميع العناصر الأخرى في الطبيعة  بأن تتوازن من تلقاء نفسها وبحسب قوانين الطبيعة التي وضعها الخالق. والسؤال هنا كيف يكون بإمكاننا إقناع الجميع بأن العالم بأكمله خاضع تحت تأثير فكر الإنسان؟

الجواب: من المستحيل علينا أن نصل إلى هذه النتيجة عن طريق الكلام. بل يجب أن نعمل على التوعية والإيقاظ الحسي في إدراك أن الفكر هو القوة الجبارة في الكون بأكمله ولكن في البداية يجب أن نبرهن هذا بأنفسنا ! فإذا أدركت أنا مدى قوة وتأثير نوعية تفكيري على العالم بأكمله فهل سأدع أفكاري تجري في بداهتها بحرية ومن دون حدود ؟ بالطبع لا, ففي كل لحظة سأتفحص فيما أفكر فيه والإتجاه التي تسر فيه هذه الأفكار ومدى تأثيرها ودائماً سأحاول السيطرة على أفكاري.

من الصعب جداً تفسير هذا للعالم وحتى لأنفسنا نحن كما لا نستطيع قياس عمق وقوة الأفكار أيضاً ولا مدى تأثيرها على أحداث معينة فلن يكن بإمكاننا تقديم براهين ملموسة لقوة فعالية الإرتباط بيننا. إذاً فكيف نستطيع الوصول بالعالم إلى مرحلة التوازن؟

هناك حل واحد فقط فنحن اللذين ندرك هذا وندرس علم الكابالا يجب علينا أن نجذب نور الخالق من خلال جهودنا والنور هو الذي يمنح الناس الوعي والفطنة في نفوسهم لإدراك الواقع بأن كل شيء في الطبيعة مترابط معاً وأن رغباتنا وأفكارنا لها تأثير قوي في تحديد وضع وحالة العالم الذي نعيش فيه.  

فالنور المحيط بالتحديد والذي يؤثر على الجميع بشكل فعال وغير حسي هو الذي يوقظ الإدراك والفهم لدى الناس بأن أفكارهم ونواياهم تؤثر على حالة ووضعية نظام الطبيعة والذي يحتوي على كافة درجات الكون من درجة الجماد إلى درجة الإنسان متضمناً نواياه أيضاً فكل هذه الدرجات مرتبطة معاً في كونها وتأثيرها.

هل بإستطاعة علماء الكابالا منع الكوارث الطبيعية التي تقع بالعالم بفضيلة تقدمهم وإحرازهم العالم الروحي؟

طبعاً ولكن وعلاوة على ذلك لا يوجد في هذا المجال من هو عظيم ومن هو صغير الشأن . يظن الناس بأن صلاة عالم الكابالا العظيم بإمكانها أن تمنع وتنجي العالم من ضربات القدر ولكن في الحقيقة الأمر يختلف في واقعه عنما يعتقده الناس فإنه ليس عالم الكابالا العظيم بل الإنسان البسيط والذي لتوه صحت لديه النقطة في القلب والذي ما يزال في بداية الطريق متحيرا ويحاول إيجاد الإجابة على عشرات الأسئلة التي تدور في خاطره باحثاً من كل قلبه عن الفهم هذا الإنسان هو الذي يستطيع عمل أكثر بكثير مما يستطيعه عالم الكابالا وهذا لسبب صغر رغبته التي من خلالها يشعر بولع شديد للتقرب من القوة العليا.  هذا الوضع مشابه كثيراً للمولود الجديد في الأسرة والذي وبالرغم من صغره وضعفه يصبح هو سيد الأسرة في جعل الجميع  يعملون على تلبية حاجاته وتأمين راحته وسعادته هكذا الإنسان الذي ما زال في بداية الطريق بإتجاه الإحراز الروحي والذي يستطيع إنجاز الكثير من خلال رغبته البسيطة ودعائه.

لماذا تبدو وكأن الكارثة التي حدثت في اليابان وكأنها شيء غريب ومنفصل عن كياني كجزء من البشرية وما الذي أحتاج عمله لأشعر بها وكانها أصابتني أنا؟

إن الأنا التي فيّ هي التي تفصلني عن الآخرين وعن كل ما يحدث لهم وكأنه أمر لا يعنيني شخصياً فإنه بحسب ضخامة الأنا في الشخص يكون شعوره بالبعد عنما يحدث من حوله وفي هذه الحالة ما حدث في جزر اليابان في هذه الفترة الماضية.

والعكس صحيح فإلى الدرجة التي إرتقي إليها في تصحيح رغبتي الأنانية في تبنيها من صفات الخالق فيها أستطيع أن أشعر بالآخرين وما يصيبهم على قدر إرتباطي بهم من خلال رباط المحبة الطاهرة والتي هي من سمة الخالق والتي تجمعنا معا .

  ففي ظروف مشابهة من أحداث كهذه في أيام معلمي الراباش إذ قد وجه له السؤال في الإستفسار عن سبب تتبعه المستمر والدائم للأخبار متتبعا الأحداث الجارية في العالم بلهفة إلى درجة أنه كان يأخذ بعض الوقت من الدرس ليرى التطورات فيما يجري في إذا كان لديه أي أولاد يقطنون هناك في مكان الأحداث فأجاب قائلا نعم هؤلاء جميعهم أولادي . إذاً  يتوجب علينا الإحساس بما يقع بالبشر من مصائب وكأنها شيء أصابني أنا شخصياً وأحمل همومهم كما ولو كانوا أولادي.

حضرة الدكتور المحترم نحن طلبتك من جزر اليابان ونرغب في معرفة رأيك فيما أصاب بلدنا من كارثة والضرر الذي وقع علينا من حدوث الهزة الأرضية في قعر البحر مما أدى إلى حدوث التسونامي وغمرت المياه اليابسة مما سبب أضراراً هائلة. بحسب تعليمات الأرصاد الجوية من المتوقع المزيد من الكوارث الطبيعية هذه كالمزيد من التسونامي وأنهم يتوقعون أيضاً حدوث الهزات الأرضية على مستوى عالي في المستقبل القريب. هل بإمكاننا معرفة أمور وحوادث كهذه  قبل وقوعها في العالم بشكل عام؟

إن البيئة أو الطبيعة من حولنا هي التي تقودنا في طريق التطور والنمو إلى أن نصل إلى مرحلة الإنسجام مع سمات النظام الذي تسيرعليه,  فكل شيء في العالم يسير وفقاً لنظام قوانين الإنسجام كل جزء مع الآخر ما عدا الإنسان  فهو الوحيد الخارج عن نظام الطبيعة وهكذا فالطبيعة تلعب دورها في إعادته إلى مكانه الطبيعي. فإن جميع الضربات والكوارث والمعانات والأزمات على كل درجاتها وأشكالها التي نواجهها اليوم هي بمثابة رد فعل الطبيعة في عدم تماشي وخضوع الإنسان للقانون العام فيها. إن الحل الوحيد لحل كل هذه الأزمات والصعوبات يكمن في تحصيل الإنسان على التوازن مع الطبيعة التي يعيش فيها.

بشكل عام تتوفر هذه المعرفة في تحصيل التوازن ويكون من الممكن الوصول إليها ولكن فقط عن طريق تصحيح -الأنا- في الإنسان . فالأنا أي " حب الذات " يتم تقييمها من خلال سلوك الشخص نحو الرغبة في الإرتباط بجسد البشرية من حوله وكأنها إنسان واحد وهذا بسبب أن كل شيء في الطبيعة من حولنا وفي عالمنا مبنيٌ ويعمل على هذا الأساس وكأنه كيان واحد وإلى ان نصل إلى مرحلة فيها نرتبط معاً كالخلايا في الجسد الواحد خاضعين لقانون محبة الإنسان لأخيه الإنسان لا ولن  يوجد حل إلا المعاناة والمزيد من الأزمات والصعوبات أمامنا.

لقد ورد في مقدمة كتاب الزوهار  أن الضربة والمأساة الأولى التي تقع على البشرية تصيب هؤلاء الأفضلية من بين البشر وفي هذه الحالة أصابت اليابان ولكن كلما أخذت الضربات تتزايد كلما زاد واتسع نطاقها حتى تصيب جميع البشر على حد سواء. يوجد هناك حل واحد لا غير وهو إرتباط البشرية معاً على مبدأ وأساس " أحب قريبك كنفسك " ففي محبة الإنسان لأخيه الإنسان نكون خاضعين لنظام وقانون واحد كما الطبيعة التي نحن فيها. عندها وعندما نصل إلى هذه المرحلة نستطيع أن نشعر بوجود برحمة الخالق ونوره معنا.

حاول الكثيرين حل لغز - هدف الخليقة لماذا أتينا إلى هذا العالم؟ ولماذا نعيش ونموت؟ ما هو هدف الخليقة بمنظور علم الكابالا؟ وكيف بإمكان الإنسان إحرازه؟

الإنسان هو محور الخليقة وهدفها. خلق الخالق البشرية ورغب بأن يرفع البشر إلى أرقى وأسمى منزلة  - إلى منزلة الخالق نفسه. مراحل "إحراز الخالق" تعني التعرف على سمات الخالق والتي تخدم كوسائل للتصحيح وأيضاً معرفة الهدف الأساسي للخليقة لأن وبخلاف نمط الطرق العلمية إن إحراز الخالق هو مكافأة ورضا معطاة لنا من سموه. بحسب تعليم حكمة الكابالا فالإنسان هو الخليقة بكاملها (الإنسان الأول - آدم). بعدما خُلق آدم تحطمت نفسه وتبعثرت إلى ستمئة آلف جزء. من المتوجب على كل جزء  من هذه الأجزاء أن يُصلح نفسه مُستقلاً بتوازن هذا الجزء أو هذه النفس في سماتها مع الخالق. كل مخلوق منا يتوجب عليه بوعي وإدراك أن يخطو خلال مراحل التصحيح هذه. فإن إصلاح كل جزء يسمح للنفس بأن تمتلئ من نور الخالق يعني أن هذه النفس تبدأ بالشعور بالخالق, هذا الشعور أن الخالق يملاء النفس هو شعور جديد, ومن خلال هذا الشعور نجد وندخل العوالم الروحية.

الهدف هو أن تمتلء النفس كلها من الخالق ولكن في الوقت الحاضر إن نفوسنا موجودة في مرحلة أو على درجة تدعى (هذا العالم) وهو المكان الذي لا تشعر فيه النفس بالخالق, فهو مُحتجب ومختفي عن أنظارنا. عندما تدرك وتحرز النفس التواصل مع الخالق لأول مرة, ترتقي هذه النفس إلى الدرجة الأولى في العالم الروحي. عندها تبدأ النفس بمراحل تغير سماتها لتكون متشابهة بتلك للخالق أكثر فأكثر وبالتالي نشعر بنور الخالق أكثر فأكثر وبقوة وبشدة. عندما تصل جميع الأجزاء إلى مرحلة التصحيح الكاملة معا ً يرتفعون ويرتقون إلى مكان أو مرحلة  تُعرف بنهاية التصحيح.

ما معنى المصطلح "النقطة التي في القلب"؟ وهل كل شخص منا يملك أو لديه هذه النقطة؟ 

 

كل إنسان لديه نقطة في قلبه ولكن الكثير منا لا يشعر بها لانهم ليسوا بعد بالغين حتى يكون بإمكانهم الشعور بها. في دورة الحياة يأتي الإنسان إلى مرحلة أو موقف معين يعي وجود النقطة في قلبه وهنا عندما يبدأ الشخص بالشعور برغبة تجاه العالم الروحي والقوة العليا. ولكن إذا كان الشخص لا يُظهر أي إهتمام بالعالم الروحي فهو إذاً غير مستعد له, ويكون من الإكراه المحاولة لإيقاظ هذه الرغبة فرضاً. ولكن إذا كان لدى الشخص إحساس بالحاجة لمعرفة العالم الأعلى عندها يجب علينا مساعدة هذا الشخص. في كلا الحالتين  ليس هناك مكان للإكراه والإجبار بالقوة. يقول علماء الكابالا بأن الشخص الذي لا يستطيع الإستمرار في العيش ولو ليوم واحد من دون حكمة الكابالا هو الشخص الذي يبذل كل جهده في البحث والدراسة.

النفس والنقطة في القلب, هل هما مصطلحين مختلفين لجوهر واحد؟

 

إن الرغبة التي خلقها الخالق لتبتهج وتُسر  به " بنوره "تدعى النفس. هذا الرغبة تبقى دائماً في حالة صحيحة ومثالية وملتصقة وملتزمة بالخالق كما في وضعها الأول حين وُجدت. لتكون النفس قادرة على إحراز المكانة التي كانت عليها والتي من حقها وأيضاً أن تُعادل وتوازن سماتها بسمات الخالق مستقلة عنه فصلها الخالق عنه بإعطائها سمات  معاكسة لسماته. بسبب هذا فقدت النفس القدرة على الشعور بوجود الخالق والأبدية والكمال, وأُلبست جسداً مادياً وأُعطيت إرادة للتمتع والحب للذات. من خلال هذه الإرادة تشعر النفس بما ندعوه: "هذا العالم". ولكن للعودة لمكانتها الأولية والأصلية والحقة والكاملة ولقدرتها على الشعور بالخالق, يجب على هذه النفس أن تنمو في سماتها المشابهة لتلك التي للخالق وكأن هذه السمات تولد وتوجد فيها من جديد. النفس في حالها الأصلية والكاملة تتألف من ذات مقدار النور النابع من الخالق, فهي ممتلئة بهذا النور. وكلما إبتعدت هذه النفس عن الخالق كلما ضعُفت رغبتها. في أبعد مكان من تواجد النفس من الخالق تبقى هناك نقطة صغيرة من النور الذي كان فيها (نقطة صغيرة في الحجم والقوة). في هذه الحالة يكون بإستطاعتنا فقط الشعور بإرادتنا في تمتيع جسدنا الحي, ولكن النقطة الموجودة في كل شخص منا بإستطاعتها أن تبدأ في (التكلم).

النفس الأولى مقسّمة إلى ستمئة ألف جزء. كل جزء منها ينشأ وينمو تدريجياً من هذه النقطة إلى مرحلة الكمال أي الجسد الروحي الكامل النمو "يصل إلى ٦٢٠ مرة أكبر مما كان عليه". على مدى الستة الآف من مراحل التصحيح المتتابع والمسمى سنين ودرجات - في البداية نشعر بالنفس وكأنها نقطة في القلب وفي وسط كل الرغبات يوجد الغرور (الأنانية) في الإنسان. توجد النفس في كل إنسان في العالم ولكن ما هي النفس؟ وعلى أي درجة توجد؟ هذا شيء يتوجب علينا إكتشافه.

ما معنى التصحيح؟ ومن هو الذي يتوجب عليه إصلاح نفسه؟ 

 

الرغبة التي خلقها الخالق تدعى "المخلوق - الكائن الحي" أو "المادة " التي كونت منها الخليقة. ولكن هذه الرغبة لا يمكن إشباعها بشكلها البدائي لأن وفي اللحظة التي يمتلئ فيها الإنسان بالبهجة والسرور يتلاشى هذا السرور. إن نيّة الخالق من البداية هو عمل هذه الرغبة بشكلها الكامل ولكن هذا ممكناً فقط في حالة التشابه والتساوي لهذه النية مع سمات الخالق في الإغداق والعطاء  وأن يكون هذا نابعاً من حرية الإنسان. لأن هذه السمة "العطاء" ليست محدودة بالشعور والأحاسيس البشرية في إستخدامها, هكذا يستطيع الإنسان إحراز منزلة الكمال - القداسة - والحياة الأبدية. الإنسان والذي هو هدف الخليقة ملزم في تغير إرادته من محبته للذاته إلى رغبته في مسرة الخالق.  عندما يحصل المرء على هذه النية في قلبه, فالرغبة للسرور تصبح متوازية مع تلك التي للخالق في العطاء. وبالنهاية يتوصل الإنسان إلى مستوى القداسة وهذا بالإستعمال الصحيح لسمته الوحيدة  -  تقبل السرور -

إن تغير النية في رغبة الإنسان يكون على مراحل:

١)  تفادي إستخدام الرغبة في إطارها البدائي.

٢)  الإنعزال إلا ّ عن الرغبات الحسنة والنبيلة وذات الكفؤ في نوعيتها ومقدارها وإستخدامها لإرضاء الخالق.

٣)  النمو الروحي ومعرفة الخالق (وهذا ممكن فقط بعزل الرغبة وتصحيح سعي الشخص نحو الهدف).

المرحلة الأولى والثانية يدعيان "التطهير" وكبقية أنواع  ومراحل التصحيح, الخالق هو الذي يقوم بالتصحيح وليس الإنسان نفسه. المقصود هنا أن التصحيح يأتي من الدرجة الروحية الأعلى من التي يوجد فيها  المخلوق "الإنسان". فالمخلوق لا يملك القوة ليقوم بتصحيح نفسه. هدف الإنسان ببساطة هو الوصول إلى مرحلة الرغبة في التصحيح _ يرسل الدعاء إلى الخالق _ ويتوسل طالبا ً التصحيح وعندها يستجيب الخالق له ويقوم بالإصلاح.

أمِنَ المسموح للنساء دراسة حكمة الكابالا؟

قال عالم الكابالا الشهير الآري الطاهر إذا كانت لدى أي إنسان منا رغبة فإنه يستطيع أن يدرس حكمة الكابالا. الرغبة هي عندما يشعر الشخص بحاجة في داخله لإيجاد جواب على هذا السؤال: "لما أعيش, وما هو سبب وجودي هنا". إذا كانت رغبة كهذه تراودنا وتسبب القلق لنا فإذا ً يتوجب علينا دراسة حكمة الكابالا. فقد وجدت حكمة الكابالا لهذا السبب بالتحديد . لقد سؤل عالم الكابالا كووك مرةً: "من يستطيع دراسة حكمة الكابالا؟" أجاب ببساطة وقال: "كل إنسان توجد لديه الرغبة". فإذا كانت هناك رغبة حقيقية سيلجاء هذا الشخص لدراسة حكمة الكابالا.

هل هي إرادة الخالق أن تدرس النساء حكمة الكابالا؟ 

يجب على كل نفس أن تدرك وتصل إلى هدفها. يجب على كل النفوس أن تصل لدرجة التوازن الشكلي في السمات المماثلة لتلك التي للخالق حتى نصبح جزء منه, النفوس كلها الرجال والنساء على حد ٍ سواء.

ما معنى بأن يتلقى الإنسان نفسًا؟

تولد النفس من النطاف الروحي الناشىء عن النور الذي يأتي من الأعلى على الشخص عند دراسته لحكمة الكابالا. عندها تبدأ النقطة التي في القلب تنمو وتكبر تحت رعاية النور الإلهي إلى أن تصل لدرجة البلوغ وهذا ما نشير إليه بالعشر سفيرات أي البنية الكاملة للجسد الروحي والذي ندعوه البارتسوف أو جسد النفس .ينجذب النور الإلهي الأعلى إلى العشر السفيرات. وهكذا  يبدأ الشخص بالشعور بالعالم الروحي والقوة العليا ويشعر بالخالق.

كيف يصلنا النور الأعلى؟ 

النور الذى يصلنا خافتٌ جدًا ولا نستطيع رؤيته أو إدراكه. بامكاننا ادراكه فقط من خلال الأشياء التى ننجذب إليها لأن النور يكتسي بها. بهذه الطريقة نستطيع تلقي النور والتمتع به لغاياتنا, ولكن الى هذا الحد وإلى هذه الدرجة من القوه فقط. ولكي نشعر بذلك النور على الاقل بالقدر الذى يشعر به الذين هم فى حالة الموت السريرى علينا ان نعزل أنفسنا عن رغبتنا في الحصول على المتعة. هذا بالضبط ما يحصل لهم, وهذا هو  السبب الذى يجعلهم يشعرون بالنور الأعلى بشكل ٍ واضح ٍ. ولكن حتى لو اننا عزلنا أو فصلنا انفسنا تماما عن اجسادنا متخذين شكلٌ آخر, فاننا سنشعر بالنور الأعلى, الأبدي والمثالي, الى أقل درجة مما نستطيع الشعور به من خلال هذا الجسد في عالمنا هذا. وذلك سببه أننا فى هذا العالم وبهذا الجسد بإستطاعتنا ان نعزل ذواتنا عن أجسادنا ونسموا بارواحنا الى أعلى درجة. بامكاننا تلقي النور باستخدام النظام الذي يدعى "بالخطوط الثلاثه":

الخط الايسر: ويتضمن مجموعة رغباتنا لإرضاء وإشباع أنفسنا.

الخط الايمن: ويتضمن سمات الخالق.

من الواضح أن الشخص لا يبدأ بالشعور بهما مباشرة. عند دراستنا لكتب الكابالا التى كُتبت بنظام خاص, فاننا نُحيط أنفسنا بما ندعوه بالنور المحيط".  سيكون بامكاننا الشعور بالنور المحيط بنا في داخل أنفسنا لاحقا حيث يكون بإمكاننا تلقيه على شكل متعة. ولكن وإلى ان نكون مهيئين لتلقي النور في أنفسنا, فان هذا النور يبقى محيطا ً بنا ويبقى متواريا ً عنا, منتظرا ً اللحظة التي نكون فيها مستعدين لتلقيه.

علماء الكابالا هم الأشخاص الذين يتلقون ذلك النور علنًا وكتاباتهم تُخلّف آثار إتصالهم مع النور في مضمون النصوص. لذلك , عند دراستنا لكتاب كتبه عالم كابالا حقيقي وأصيل متبعين النظام الصحيح سيكون بإمكاننا جذب النور المحيط بنا بشكل أكثر فعالية, والذي بدوره يُطهر الروح ويعدّنا لتلقي النور. عندها نمتلئ بالنور الأعلى ونشعر بكمالنا وأبديتنا. ولكن هذا التصحيح تحت تاثير النور المحيط بنا يتم تدريجيا, وعلى مراحل. فإلى الحد الذي منه نتشرب من سمات النور نستطيع تصحيح أنفسنا, وهذا هو خطنا الايسر, عندها يُصبح بإمكاننا تلقي النور.

أجزاء التصحيح هذه تدعى "درجات السلم" سلم العالم الروحي, والذى يسمو بالإنسان من الإحساس بالذات وعالمنا المادي, الى الإحساس بالعالم الآخر, والإحساس بالخالق .

الخط الأوسط هو أفضل نقطة إندماج بين طبيعة الإنسان في محبته للذات "الأخذ" وبين قوات النور العليا. فالخط الأوسط يُنظم وينسق بين طبيعة الإنسان وبين القوة العليا بحيث يتمكن الإنسان من تصحيح نفسه ليتشابه بسمات النور على قدر الإمكان مع محافظته على حرية نفسه.

ما معنى كلمة الروحية؟


بالرغم من أنََّ كل شخص يعتقد بأنه يفهم معنى أو مفهوم الروحيات, ولكن في حقيقة الواقع لا يوجد لهؤلاء أي علاقه بالعالم الروحي ولا حتى لديهم أي فكرة عنه. بل يعتقدون بأن العالم الروحي يمكن فهمه من خلال الموسيقى وعلم النفس العام. ولكن العالم الروحي يمكن فهمه فقط من خلال دراسة حكمة الكابالا. والتي هي نظرية واضحه ووجيزة ويجب دراستها على يد مُعلم وموجه مُختص وفقيه. لا يوجد هناك موسيقى أو أي تجارب نفسيّة مريبة تساعد الإنسان على إحراز العالم الروحي. فبإمكانك ان تدعو ما تكتشفه من خلال التأمل أو الموسيقى الخاصة أو التمارين الرياضية "بالعالم روحي" ولكن تلك ليست بالعالم الروحي الذي أنا أتحدث عنه. العالم الروحي الذى أتحدث عنه يمكن إكتشافه فقط عن طريق حكمة الكابالا. إن دراسة علم  الكابالا هو نظام مُعقد يشمل جهد وعمل الإنسان نفسه, ومن خلال الجهد المبذول يستطيع الإنسان جذب نورا ً خاصا ً على نفسه. هذا النور, وهو قوة خاصة ومثالية, هو الذي يوقظ فينا الرغبة الروحية, رغبة في الإبتعاد عن الحشود والزحام وصخب العالم بأجمعه. فمُرام الإنسان ومبتغاه هو مواصلة العيش فى هذا العالم جسديا ً فقط فى الوقت الذي يكون كل مايتعلق بالعقل والرغبات يجب أن تعمل على مستوى مختلفا ً كليا ً, وكأن الشخص يخترق حاجزا خفيا ً إلى عالم آخر.

إحرازا ً روحيا ً كهذا  لا يمكن أن يكون مرئيا ً أو تتحدث به مع الآخرين أو إظهار تفاصيله لأي إنسان. فالأشخاص الذين لم يسبق لهم إحراز العالم الروحي لا يمكنهم فهم الشعور ولا التجربة. فهذا شعورٌ فريدٌ من نوعه, حميمٌ وشخصي, إحساسٌ ممكن الوصول إليه وإدراكه من خلال دراسة علم حكمة الكابالا. ان حكمة الكابالا نظرية لإكتشاف وإحراز العالم الروحي, ننمو فيها ونتقدم على مستوى درجات روحية مُختلفة ودورات حياة مُتعاقبة وأوضاع روحية مُتجددة. بالرغم من ان الموسيقى بإمكانها أن تكون ذات صلةٍ بعلم الكابالا لكنها ليست إلاّ حاصل فقط, كما هو الحال في النواتج العرضية للعمليات الكيمائية مثل إرتفاع درجة الحراره, وهبوط الضغط الجوي .... الخ, فعندما نبذل جُهدنا من أجل الحصول على نتائج معينة فمعها نتلقى نواتج عرضية أيضا ً.

ما المقصود بالطريقة المدعوة "الإيمان فوق المنطق"؟

هناك ثلاثة طُرق يستطيع الإنسان بأن يتبعها:

١- فوق حدود المنطق.

٢- في حدود أو نطاق المنطق.

٣- دون المنطق.

فالفكر أو المنطق هو نفس الإنسان أو ذاته, ومفاهيمه, وعقليته, وثقافته.

ما دون المنطق: هو تصرف أو سلوك الشخص من دون مُراجعة الذات أو التفكير بالأمر.

وهي حالةٌ لا يؤخذ فيها المنطق بعين الإعتبار, كالتعصب, والإيمان الأعمى والذي يتم قبوله من دون تفكير. كلما كانت قدرة المرء كبيرة على عزل تفكيره عن التحقق من الأمور والإعتماد على الإيمان وحده, يكون الإيمان أقرب لكونه "ما دون المنطق". هذا الوضع واضحٌ من خلال التعصب والتعليم الذي يتبعه الناس بصورة عمياء ومن دون تفّهم وتساؤل. عادةً تُتبع هذه الطريقة في تعليم الناس لعادات وتقاليد معينة ليحافظوا عليها مدى حياتهم. لذلك كلما كان الشخص ذو ميول إلى حالة "الإيمان من دون المنطق" كلما أصبح هؤلاء الناس أكثر حماقةً إلى درجة يُصبحون فيها يؤمنون بالمعجزات وظواهرٌ أخرى مشابهة لها.

فى حدود المنطق: معناه بأن الشخص يختبر ويقبل فقط ما يتناسب ويتطابق مع مفهومه الشخصي للواقع.  هذا هو الإيمان الباطني, هي حالةٌ يعتمد الشخص من خلالها على المنطق وقدرة حواسه, وكل ما هو متوفرٌ لدية من طبيعته ككائن حيّ.

فوق حدود المنطق: معناه بأن الشخص هنا يختبرُ المعلومات والحقائق التي في حوزته, ويكون مِن الواصخ لديه بأنها مُعارضة لإدراكه الشخصي للواقع ولكنه بالرغم من هذا يتقبلها حتى ولو كانت مُخالفةً لصحة إدراكة ومفاهيمه لواقعه المحيط به. لماذا؟ لأن هذا النوع من المنطق ينشأ من الخالق, الذي يثق به الإنسان أكثر من ثقته بنفسه. كل أنواع ونماذج تطبيق قرارتنا في الحياة تنحصر في إطار "الإيمان فوق حدود المنطق" فكلما كانت درجة إحراز الإنسان للعالم الروحي عاليةً كلما زادت قدرته على  العطاء.

لا يُمكننا فهم هذه المعادلة ولا يُمكننا تفسير كيفة إحراز درجة عالية كهذه ولا المجهود الذي نبذُله وإيجاد القدرة والنشاط لنعضُد هذا المجهود. ولكن هذا يكون ممكنا ًمن خلال "الإيمان فوق حدود المنطق" بالرغم من رغباتنا ومفهومنا لطبيعة الجسد, لأن رغبات الجسد تنتمي وتُلائم عالمُنا هذا, في حين نرغب ونتوق إلى الإرتقاء إلى عالم أعلى. لذلك وبالتدريج أكثر فأكثر نُعطى معلوماتٌ بحالة مُشوشة وغير واضحة, وكلما زاد تعاملنا مع هذه المعلومات عن طريق "الإيمان فوق حدود المنطق" كلما أصبحنا أكثر حكمةً. فى حقيقة الواقع نحن نعتمد على هذا النوع من المنطق في مراحل إرتقائنا وتقدمنا مُستخدمين إياه لنسمو فوقه. هذه المعرفة أو هذه المعلومات تبقى داخلنا وكأساسٌ متين تحت أقدامنا. هكذا وبالتالي نزداد حكمة أكثر فأكثر من درجة إلى أخرى. ستفهم كل هذا الشرح تدريجيا ً ومن خلال تجربتك الشخصية.

بكل بساطة, إذا حاول علماء الكابالا محو تلك المعلومات الغير واضحة والمتناقضة أحيانا ً كما يفعل الناس العاديون فإنهم سيبقون في إطار "الإيمان دون المنطق". لكنهم أخذوا هذه المعلومات وتفحصوها بتمعن وواجهوا كل هذه التناقضات وسَعوا مُقابلها, ولذلك إكتسبوا معرفة مقابل الإيمان, ومن ثم بنوا هذا الإيمان على هذه التناقضات مُتجاوزين رغبات الجسد. ولهذا السبب يستطيعون فهم الأمور التي يصعب علينا إدراكها وفهمها. بعبارة أخرى, إن العالم الروحي مفتوحٌ أمامهم لأنهم حازوا على الحاجز "الحاجز لصدّ رغبات الجسد الأنانية" بواسطة "الإيمان فوق حدود المنطق".

 

لماذا يعاني الكثير من الناس من الاكتئاب هذه الأيام؟

الاكتئاب هو إحساس بفقدان الحيوية. في عصرنا الحالي ، نحن في مرحلة الانتقال إلى مستوى آخر من الحياة منما بدأ يظهر لنا. يتم التعبير عنها في تزايد الترابط حول العالم ، وهو ما نشعر به بشكل سلبي لأننا لم ندرك بعد كيفية التكيف مع الظروف الجديدة التي وضعتنا فيها الطبيعة.

الاكتئاب هو أحد الأحاسيس السلبية الرئيسية التي يشعر بها الكثير من الناس عندما نتجه نحو مستوى جديد من التنمية البشرية. كلما تطورنا نحو عصر فهو يتطلب أن نتعلم كيف ندرك بشكل إيجابي ترابطنا المتزايد و الاعتماد ، كلما شعرنا بأنفسنا في ظلال هذا العصر ، مع تزايد الأحاسيس السلبية من اللامعنى ، والافتقار إلى الهدف ، والإرهاق ، ونقص عام في الحيوية. الهدف من هذه الأحاسيس السلبية هو إرسال إشارة لنا إلى ضرورة حدوث تحول معين في مواقفنا إذا أردنا تغيير أحاسيسنا السلبية إلى مشاعر إيجابية.

إذا قمنا بتحويل معين لتحقيق ترابطنا والتزمنا بشكل إيجابي ، فسنقوم بعد ذلك بدعوة قوة جديدة من الحياة إلى حياتنا: القوة الإيجابية التي تسكن في الطبيعة. سنكتشف بعد ذلك كيف ستختفي مجموعة المشاكل التي نواجهها ، بدءًا من المشاكل على المستويات الشخصية مثل الاكتئاب والقلق والوحدة والتوتر، مرورًا بالمشاكل الاجتماعية والوطنية والبيئية.

من ناحية ، نحن نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على نهجنا الأناني والفرداني والمادي الذي عفا عليه الزمن في الحياة. ومع ذلك، فإن ارتفاع الاكتئاب، والشعور بالوحدة ، والقلق ، والتوتر ، والمشاكل الأخرى سوف نستمر في إظهار فشلنا. اليوم ، تعمل الطبيعة علينا كنوع من أدوات التحكم في التطور، مما يدفعنا للارتقاء إلى مستوى مختلف من الوجود، والذي يتضمن فهم ما نحن هنا من أجله، وإلى أين نتجه، وكيف يجب أن نتواصل بشكل إيجابي فوق دوافعنا الأنانية. تواجه الإنسانية الآن هذا التحدي على وجه التحديد.

 

الصحيفة الشهرية

أضف الموضوع إلى صفحتك

Soundcloud


إكتشاف أسرار الوجود

إكتشاف أسرار الوجود والحكمة الخفية وراءه

 

إكتشاف أسرار الوجود
والحكمة الخفية وراءه
للتحميل الكتاب


إكتشاف أسرار الوجود - سؤال وجواب

 

إكتشاف أسرار الوجود -
سؤال وجواب
للتحميل الكتاب

دروس في علم الكابالا

self study-kabbalah.info

الحلقة الدراسية الحرة

هدف هذه الدورة الدراسية هو إعطاء 
فكرة عن ماهية علم حكمة الكابالا
وكتاب الزوهار 

  بإمكانك إرسال سؤالك من عبر الموقع 
وتتلقى جواباً