Kabbalah.info - Kabbalah Education and Research Institute

الحلقة الدراسية الحرة

الدرس الأول

 يحتوي علم حكمة الكابالا  في طياته على أسرار بنية الوجود منذ بداية الخليقة

ويكشف معرفة سر الحياة للإنسان وهدف حياته. في هذه الدورة سيتعرف الإنسان على ماهية علم حكمة الكابالا وكيف يستطيع أن يخدم الإنسان للوصول إلى العيش السعيد وبسلام. في هذا الدرس سنتعرف على ماهية علم حكمة الكابالا الحقيقي ،



لحلقةُ الدراسيةُ الحرةُ – المرحلةُ الأولى

الدرس الأول

 لمحةٌ موجزةٌ

نودُ أنْ نُعطي لمحةً موجزةً وعامةً عنما سنتطرقُ إليهِ في بَحثِنا في هذهِ الدورةِ الدراسيةِ ونُعطي لمحةً موجزةً عنْ موضوعِ علمِ حكمةِ الكابالا مُحاولينَ إعطاءُ جوابٍ لمجموعةِ الأسئلةِ التي تراهَا أمامكَ على الشاشةِ، وفي الدروسِ القادمةِ سنعطي شرحاً تفصيلياً ودقيقاً.

  • منْ أنا؟ منْ أينَ أتيتُ؟ ولماذا أعيشُ؟
  • ما علاقةُ علمُ حكمةِ الكابالا بي؟
  • هلْ هذهِ كابالا؟

مفهومُ علمُ حكمةِ الكابالا الحقيقيِ

حكمةُ الكابالا هيَ حكمةٌ قديمةٌ تعودُ في تاريخِها إلى مَا قبلَ أيامِ أبونَا ابراهيمُ عليهِ السلامُ. تعلمُ الكابالا الإنسانَ عنْ سببِ وجودهِ، لماذَا وُلدَ، ولماذا يعيشُ في هذا العالمِ، ومَا هو هدفُ حياتهِ فيهِ.

حكمةُ الكابالا هيَ علمٌ علمٌ واسعٌ وعميقُ الأبعادِ ومعاً سنفتحُ أبوابهُ المغلقةُ باحثينَ عنْ معرفتِهِ الخفيةِ. تعالوُا لنُبحرَ معاً فيِ هذا المحيطِ لنكشفُ أعماقَه ونَجنيِ كُنوزهُ الثمينةُ.

متى وجدَ علمُ حكمةِ الكابالا ؟

وجدَ علمُ حكمةِ الكابالا  مُنذُ وجودِ أبونا أدمْ فبعدَ أنْ سقطَ أدمُ مِنَ العالمِ الروحيِ  بعدمَا أخطاءَ وطُرِدَ منْ جنّةِ عَدنْ أُعطيَ منهجَ علمُ حكمةِ الكابالا ليُصلحَ خطاؤهُ.

هل يوجد برهان يثبت وجود علم حكمة الكابالا منذ بداية الخليقة ؟

أبونا أدم هو الذي رأى العالم الروحي بدرجاته وقد ترك لنا مخططات العوالم بتفاصيلها لنصل إلى مرحلة التصحيح الكامل. من أدم إلى نوح إلى ابراهيم إلى باقي علماء الكابالا  الذين اتوا بعدهم. هذا نهج التصحيح التي تتبعه حكمة الكابالا .

 إذا كيف يمكننا تعريف علم حكمة الكابالا ؟

علمُ حكمة الكابالا هو الطريقةُ الوحيدةُ لإكتشاف العالم الرُوحي والحياة الروحية ومعرفة لخالق الذي هو السلطة والقوى العُليا التي تدير حياتنا. تُعلمنا حكمة الكابالا عن سبب وُجود الإنسان.

لماذا وُلد؟

ولماذا يعيش؟

وما هو هدفُ حياته؟

من أين أتى؟

وإلى أين هو ذاهبٌ بعدما يُكملُ حياته هنا في هذا العالم.

الكابالا هي علم تركيب مجموعة العمليات والظواهر الفيزيائيّة للواقع بأكمله المرئي واللامرئي منه. الكابالا هي حكمة تكشف لنا مفهُوم الواقع الذي هو بالطبيعة أمرٌ مخفيٌّ عن حواسنا الخمسة.

لا يُوجد هناك أيُّ علاقة لعلم حكمة الكابالا مع السحر أو التبصير أو الترقية أو أي شيء مما يتداوله الناس فيما بينهم لتزويدهم بأشياء مُزيفة يدّعون بقُدرتها على الحماية من خفايا القدر
أو مما يذاع في الإعلام عن بعض المشاهير في إعتناقهم للكابالا بدلالة الخيط الأحمر ومن كل هذه التفاهات التي تُلفق إلى الكابالا.

الخيط الأحمر ليس إلا سلعة للبيع يُروجها البعض لهدف جني الأرباح ولا علاقة لهؤلاء بعلم الكابالا الحقيقي، فكيف يُعقل أن يكون أي علاقة بخيط ما مع محتويات كتاب الزوهار؟

علم حكمة الكابالا الحقيقي هو علمٌ يُنمي قُدرة الإنسان على إدراك الواقع الشامل وعلى إحراز العالم الروحي بشكل علمي ومتماش مع قوانين الطبيعة.

إن عالم الكابالا الشهير الآري حرّم مانعاً إستعمال التعويذات في كتاباته لأنها لا تُقدم إلاّ مُجرد دعم نفسي وهمي للشخص لا غير.

علمُ حكمة الكابالا والذي يحتوي في طيّاته على أسرار بُنية الوجود منذ بداية الخليقة هو نظريّةٌ فعّالةٌ في مساعدة الإنسان في إيجاد معنى لحياته ومكانته في هذا العالم، ومعرفة سبب وجوده لماذا وُلد ولماذا يعيش في هذا العالم؟ من أين أتى؟  ما هو هدف حياته؟ وإلى أين هو ذاهبٌ بعد إنتهاء أيّام حياته في هذا العالم؟

علمُ الكابالا هُو نظريةٌ وطريقةٌ  يتعرف الإنسان من خلالها على معرفة وإدراك العالم الرُوحي إذ يشرحُ لنا العالم الرُوحي من خلال دراسة  تفصيلية للمُخطط البيانيّ للكونُ بأشمله،
ويُعلمُنا كيف نحصلُ على الحاسة المُناسبة لإدراك هذه المعرفة.  فمن خلال هذه الحاسة الجديدة والتي تُدعى “بالحاسة السادسة ” يستطيعُ الإنسانُ الإحساس  بالعالم الرُوحي.

الأنا

يعالج علم الكابالا موضوع الخليقة فقط، فإن الشيء الوحيد الموجود إلى جانب الخالق هو”نفس الإنسان” أو “الأنا” والتي هي موضوع البحث الأساسي في علم الكابالا.

يُجزء هذا العلم النفس أو “الأنا” إلى أجزاء شارحاً  بُنية ومكونات كل جزء بمفرده  وهدف وجوده. كما ويشرح علم الكابالا كيف أن كل جزء من الأنا عند الإنسان والتي تُدعى “النفس” بإمكانها أن تتغير حتى يستطيع الشخص إدراك وتحقق هدف الخليقة

كلمة الكابالا

مصدر كلمة الكابالا في لغتها الأصليّة هي ” لا- كا- بل ” أي التقبُّل أو الأخذ. يُظهر علم حكمة الكابالا مشيراً إلى خفايا النيّة وراء أيّ فعل يقوم به الإنسان بإسم  – الرغبة في التقبُل أوالأخذ – الرغبة  تدل على تقبُّل وتلقي الإنسان لعدة أنواع من الملذات.

تزداد الرغبات بصورة دائمة ويشعر الانسان بالحاجة الدائمة لأشياء جديدة كإختراعات آلآت وأدوات جديدة في مُختلف مجالات الحياة العملية والنظرية من الأليكترونيات في مجالات الطب إلى الأفلام إذ جميعها نابعة من رغبات الإنسان.

ففي كل جيل من البشرية تظهر رغبات جديدة ويأخذ الإنسان في تطويرها لتتلائم مع مستوى الحياة الذي يرغب فيه وهكذا وعلى هذا النحو تطورت الانسانية منذ وجودها.

تشرح حكمة الكابالا مراحل تطور رغبة الانسان في إطار خمسة مراحل:

المرحلة الأولى: تبداء بالرغبة الأساسية للإنسان والتي تتركز على إحتياجات الجسد من الطعام والجنس وتأسيس الأسرة لضمان إستمرار النسل البشري.

المرحلة الثانية: تتجسد في السعي نحو الثراء.

المرحلة الثالثة: تتجسد في السعي للحصول على المراكز والمناصب العالية في المجتمع ليحصل الشخص على السلطة والنفوذ والصيت الحسن.

المرحلة الرابعة: تتجسد في تحصيل المعرفة.

المرحلة الخامسة: فيها يبداء الإنسان بالبحث في الأمور الروحية ليجد معنى وهدف لحياته.

النقطةُ في القلبِ

يتجلىَ نُموُ الرغبةِ في مُختلفِ العُصورِ التي مرّتْ بها البشريةُ مِنَ العصرِ الحجريِّ وحتى عَصرنِا هذا كانَ هدفَ الإنسانِ يتركزُ في إشباعِ رغبتهِ علّهُ يَجدُ جواباً لمعنىَ حياتهِ في هذا العالمِ، ولكنْ وبعدمَا يَمرُ الإنسانُ في كلِّ هذه المراحلِ بعدهَا تتيقّظُ فيهِ الرغبةَ للعالمِ الروحيِّ وللخالقِ وللبحثِ عنْ هدفِ حياتهِ. هذهِ الرغبةَ تُدعى “النقطةُ في القلبِ” وعلى الإنسانِ أن يُنميهَا.

ولهذا السببْ وُجدَ عِلمُ حكمةِ الكابالا ليساعدَ الإنسانَ على إيجادِ هدفهِ في الحياة.

كان علم الكابالا مخفي ومن الصعب على الإنسان الحصول عليه أما في يومنا هذا فقد أصبح في متناول كل إنسان في العالم  فعلم الكابالا مخصص لهؤلاء الذين يبحثون عن الروحية
ومعنى الحياة ووجودهم في هذا العالم فالاشخاص الذين يشعرون بحاجتهم للبحث عن هدف الحياة هم الذين يُقبلون على البحثفي علم الكابالا

أحب قريبك كنفسك

 هو القانون العام الذي بُنيت عليه الخليقة وهو القانون الذي يسير به الكون وتطبيقه سيُعيد الإنسجام إلى الطبيعة وإلى الحياة.

الأسئلة 

عرّف علم حكمة الكابالا ؟

لماذا دُعيت حكمة الكابالا بالحكمة الخفيّة؟

ما هو العامل الوحيد الذي يتمحور حوله علم حكمة الكابالا؟ وما علاقته بتصحيح الأنا؟

ما معنى كلمة الكابالا؟

عدد مراحل نمو الرغبة التي يمر بها الإنسان؟

ما المقصود بالمصطلح « النقطة في القلب؟

 

الدرس الثاني

في هذا الدرس سنتطرق إلى شرح مراحل التاريخ التي تشير إلى حقبة معينة من ظهور علم حكمة الكابالا لوتأثيرها على البشرية    التي ظهر فيها عمالقة العلم والذين تركوا بصمتهم في تحديد تأثير المعرفة في ظهورها لكي يكون بمقدور البشرية الإستسقاء من هذه الحكمة لتصل إلى العيش الهنيء وليحصل الإنسان على سعادة أبدية في علاقته مع خالقه ومع بني جنسه.

 

 

الحلقةُ الدراسيةُ الحرةُ – المرحلةُ الأولى

الدرسُ الثانيُ

 تاريخ علم حكمة الكابالا

في هذا الدرس سنعطي لمحة عن تاريخ علم الكابالا وعن المراحل التاريخية التي تشير إلى ظهور عمالقة الكابالا والذين أثروا وبشكل بارز على إظهار الحكمة للإنسانية.

شمعون بن يوخاي وكتاب الزوهار

إسحاق لوريا وفتح حكمة الكابالا للعامة

يهودا أشلاغ والتفسير السلمي كتاب الزوهار

الراباش

صاحب قلب يتقد بمحبة الآخرين عمل على نشر علم حكمة الكابالا لينال الجميع السعادة الأبدية

تاريخ علم حكمة الكابالا

يُعتبر أبونا وسيدنا إبراهيم عليه السلام هو أولُ عالم في حكمة الكابالا إذ يُعدّ أول من فتح أمامنا الطريق إلى العالم الروحي فهو أول من بدأ في تدريس حكمة الكابالا بمجموعات وفتح خيمته أمام كل من كان لديه الرغبة للعالم الروحي ولمعرفة سبب وجوده في هذا العالم وهدف حياته فيه.

رأى سيدُنا إبراهيم عظمة الوجود الإنساني وعمل قوانين الطبيعة وسأل أسئلةً كثيرةً مُستفسراً عن عظمة الخليقة فظهر له العالم الأعلى من خلال الوحي والإلهام. هذه المعرفة التي اكتسبها والطريقة التي استخدمها في اكتساب هذه المعرفة  دوّنها وحفظها للأجيال التي أتت بعدهُ.

على مر العصور إنتقلت الحكمةُ من عالم إلى آخر من مُعلم إلى تلميذه  وكل منهم أضاف براهين تجربته في الدراسات التحليلية والتفسيرية لجميع قوانين النظريّة المنصوص عليها لهدف جمع الكمّ الأكبر من المعرفة.

إنتشار الحكمة

أخذ علمُ الكابالا في الإنتشار بعد المُدونات التي كتبها سيّدُنا مُوسى عليه السلام. وفي المرحلة الزمنيّة من سنة ٥٨٦ إلى سنة ٥١٥ في حقبة ما قبل الميلاد كان تعليمُ الكابالا مُنتشراً إذ كان يُدرّسُ ضمن مجمُوُعات صغيرة ومُتعددة من طالبي هذا العلم.

ولكن بعد سنة السبعين ما بعد الميلاد إلى جيلنا هذا هناك ثلاث مراحل خاصة تُعتبرُ مهمة جداً في تاريخ تقدُّم وتطور هذا العلم والتي صدرت فيها أهم الكتابات الأساسيّة من ناحية دراسة نظريته وأُسلوبه.

مراحل ظهور علم حكمة الكابالا

 شمعون بن يوخاي - إسحاق بن لوريا - يهودا أشلاغ  - الراباش

المرحلة الأولى:  تُحصر المرحلة الأولى في ظهورالعالم شمعون بن يُوخاي والملقب "بالراشبي". كتب الراشبي كتابُ الزوهار وشرح فيه مراحل تطوُر النفس البشريّة على مدار الستة ألف سنة الماضية أي منذ نشأت هذه النفس ومراحل تطورها في كُل جيل إلى أن وصلت إلى مرحلة التصحيح النهائيّة.

كان الراشبي إنساناً معروفاً برزانته وحكمته وعظمة مقامه ومكانته في المجتمع. فقد وُلد وترعرع في مُرتفعات الجليل ودرس الحكمة على يد العالم أكيفا لمدة ثلاثة عشر سنة وأحرز أعلى الدرجات الروحيّة.

المرحلة الثانية: أما المرحلةُ الثانيّةُ وهي الحُقبةُ التي عاش فيها العالمُ الشهيرُ اسحاق لُوريا والمُلقّبُ بالآري. أظهر الآري لُغة الحكمة النقيّة ذات الأُسلُوُب الرفيع والمُتقن في كتاباته وهُو الذي أظهر بداية حُقبة تاريخيّة جديدة حين فتح المجال أمام العامة من الناس للدراسة. وقد ترك لنا عالمُ الكابالا الآري النظام الأساسيّ في البحث والدراسة والذي ما زلنا نستخدمُهُ نحنُ الآن في يومنا هذا.

المرحلةُ الثالثةُ: يُشار إليها بظُهُور العالم يهُودا أشلاغ والذي ألف كتاب الشرح السلّميّ لكتاب الزُوُهار ولتعاليم الآري.

أعمال وكتابات صاحب السلم: من أعظم أعماله مقالُ  "السفيرات العشر" . وفي سنة ١٩٤٠ نشر مقال  "مركز ومخارج النوايا. ومقال "الشروحات السُلمية لكتاب الزُوهار"  والتي نُشرت في واحد وعشرين مجلد من سنة ١٩٤٥ إلى سنة ١٩٥٣. وقد لُقب بصاحب السُلّم لسبب أُسلُوبه في شرح مُستوى كل عالم من العوالم الروحية وتقسيمه لدرجات لإعطاء الصورة الفكرية للفاصل بين كل عالم وعالم بقياس الدرجات المُكوّنة من ١٢٥ درجة – السفيرات حسب تقسيم العوالم. هذه الدرجات مقسمةٌ بشكل مُتساو ومُتكافئ بين العوالم الروحية الخمسة وهذه العوالمُ هي:  عالم أدم كادمُون-  عالم أتسيلُوت-  عالم برييّا-  عالم يتسيرا - عالم عاسيّا.

آخر الذرية الذهبية لعلماء الكابالا

بعد صاحب السُلّم أتى العالم بارُوخ شالوم هالفي أشلاغ والملقّب "بالراباش".

كتب الراباشُ جميع مقالاته وكتبه توافقاً مع تعليمات وتوجيهات صاحب السُلّم وذلك لهدف المُحافظة على أصالة المعلومات مُستخدماً أُسلوباً راقياً وتفصيلياً باذلاً غاية الجهد في الشرح والتوسيع المُفصّل لكتابات صاحب السُلّم مُقدماً أُسلوباً بارعاً

كان الراباش إنساناً مُتواضعاً ووديعاً ومرح الروح وقلبه يتوقد بمحبّة الآخرين لم يشغله العالم المادي والسعي وراء المجد والشُهرة بل كان همه الوحيد مُنصب على نشر علم حكمة الكابالا. فقد ألّف طريقة جديدة لتعليم الكابالا وكتب مقالات أسبوعية لطلابه كان يشرح فيها كل مرحلة من مراحل عمل الإنسان الروحي.

كانت مقالاته تركز على تعليم الإنسان فاتحاً أمامه كل شعور يشعر به في أي مرحلة من مراحل تقدمه مُفصلاً بدقة معنى كل شعور ومعنى كل درجة وكيفية العمل فيها مفسراً تأثير هذا العمل على نموه الروحي وتوجيهه في المرحلة التالية

الراباش هو الوحيد الذي نجح في تقديم أفضل الطرق لمعرفة عمق واقعنا الكامل.

كان الراباش فريداً من نوعه إذ أراد أن ينير المستقبل أمام كل إنسان وقد نجح في عمله هذا، ففي تطبيق شروحاته لنظرية علم الكابالا التي تركها لنا نحصل على نعمة إظهار الواقع الأبدي الحقيقي والكاملُ والذي إكتشفه علماء الزوهار في كُل الأجيال السابقة.

عالم الكابالا

إنّ طريقة عالم الكابالا في التعامل مع مبادئ العلم في شرحه وتعليميه يتماشى مع مبدأ الراباش في رغبته في جعل علم الحكمة متوفراً - لكل شخص-  إذ يرى أنّه كالخلايا في الجسد الواحد هكذا البشريةُ أيضاً فالخلايا كلّها مرتبطة الواحدة بالأخرى وتعمل بإنتظام مع الخلايا الأُخرى مقدمةً كلَ جُهدها في ترابط وفي إنسجام كامل لضمان صحة الجسد وبقائه على قيد الحياة.

فمن المستحيل على الخليّة الواحدة التواجد بمفردها فحياتها تعتمد على حياة الخلايا الباقية، من المعروف طبياً إذا أرادت الخلية الواحدة أن تستقل بذاتها  رافضةً مبدأ الإنسجام والتعاون فإنها تتحول إلى خليّة خبيثة وتتكاثر بسرعة وبالنهاية تؤدي إلى دمار وموت الجسد بكامله.

هكذا البشرية، أفرادها كالخلايا في الجسد والذي بُني على مبدأ  "أحب قريبك كنفسك فالترابط في محبة وإنسجام بين أفراد البشر مهم جداً لبقاء البشريّة إذ انّ جميع الفروق التي تُميز البشر لا مكانة لها في الجسد الواحد وليس لها أهميّةً،

فمهما كان جنسك أو لغتك فخالقُنا واحد

وقد جبلنا من طينة واحدة

وكلنا إنحدرنا من أبونا أدم.

 

الأسئلة

ما هي المراحلُ الثلاثُ الهامةُ في تاريخ تقدُم علم حكمة الكابالا؟

من هو الراشبي؟

بما إشتهر عالم الكابالا الآري؟

لماذا لُقب عالم الكابالا يهودا أشلاغ بصاحب السلم ؟

عَدد درجات العوالم الروحيّة الخمسة؟

من هو الراباش؟ وبما تميز عن علماء الكابالا الآخرين؟

 

الدرس الثالث

الفرق بين علم حكمة الكابالا الحقيقي وبين الإدعاءات الأخرى التي تأخذ إسم الكابالا لباساً لها.

كيف نميز علم الكابالا الحقيقي عن غيره من علوم الحكمة السائدة في العالم؟

 

 

الحلقةُ الدراسيةُ الحرةُ – المرحلةُ الأولى

الدرسُ الثالث

في هذا الدرس سنحاول تفسير علم حكمة الكابالا بشكل أدق ونتوسع في بعض النقاط الهامة من التي وردة سابقاً. تعالوا لنبحث معاً في موضوع جوهر علم حكمة الكابالا.

علم حكمة الكابالا الحقيقي

في هذا الدرس سنركز على موضوع علم حكمة الكابالا الحقيقي، مصدره، وما علاقته بحياة الإنسان وضرورته للإنسانية وكيفية تأثيره عليها؟

للخوض في هذا الموضوع الواسع الأبعاد سنبدأ في توضيح ماهية علم الكابالا الحقيقي، ما هو؟ هل هو عقيدة أو مذهب؟ هل هو دين؟ هل هو تأمل ذو طقوس خاصة به؟

كيف نميز علم حكمة الكابالا الحقيقي عن غيره مما يدعي بأنه كابالا؟

جوهر علم حكمة الكابالا

قد أحاط بعلم الكابالا الكثير من الأساطير والإدعاءات الخرافية في التكلُّم عنه وذلك بسبب أن علم الكابالا الحقيقيُّ كان مخفيّاً ومُستتراً منذ آلاف السنين. فبالرغم من أن مصدر الكابالا يعود في آثاره إلى عصر مدينة بابل ولكن بالحقيقة وجدت منذ بداية الخليقة ولكنها كانت محجوبة عن أنظار الإنسانية لأكثر من أربعة آلاف سنة.وحتى في يومنا هذا نجدُ القليل من الناس يعلمون ما هو جوهر علم الكابالا.

حقيقة حكمة الكابالا

لا يوجد هُناك أيُّ علاقة لحكمة الكابالا مع السحر أو التبصير أو الترقية أو أي شيء مما يتداوله الناس فيما بينهم لتزويدهم بأشياء مزيفة يدعون بقدرتها على الحماية من خفايا القدر مثل الخيط الأحمر والترقية والمياه المقدسة وكل ما يُروج له لهدف جني الأرباح المادية.

علم حكمة الكابالا

لا يتفقُ ولا يتعاملُ مع أنواع التأمُلات أو النُبُوات أو كل ما يتعلقُ في هذه الأُمور من مناهج وطُقُوس

لا يوجد أي علاقة لعلم حكمة الكابالا برباط المعصم الأحمر

لا علاقة بالتبصير بورق اللعب وعلم التنجيم والسحر والشعوذة وقراءة الطالع بعلم حكمة الكابالا

لا يوجد أي تعويذة أو حجاب في علم حكمة الكابالا

لا يوجد هناك أي طقوس أو مراسم في دراسة علم الكابالا

ليس علم حكمة الكابالا بدين أو مذهب أو عقيدة ليؤمن الشخص به

كيف لي أن أميز بين الكابالا الحقيقية وما ليس بالكابالا ؟

هل هناك تعريف يحدد ما يجب أخذه بعين الإعتبار كي لا تخدعني الإدعائات الخاطئة؟

بالطبع

أي إنسان يدعي بأن لديه السبيل في إكتشاف الروحية ومعرفة الخالق ولا يشير إلى ضرورة
إصلاح الأنا في الإنسان وإستبدال حب الذات والأنانية بمحبة الآخرين تأكد بأن ما يدعيه حتى لو كان يحمل إسم الكابالا ليس بحكمة الكابالا الحقيقية.

أي شخص يدعي بأنه من الممكن امتلاك أي قوة روحية في الجسد فهذا ليس إلا كذباً.

كل من يدعي بأنه يمتلك قوة خارقة من الأعالي ليقضي  بها على الناس كما يبدو ويحلو له هذا إفتراء وكذب.

كل من يدعي بأنه يستطيع تغيير نظام الطبيعة من خلال قوة روحية يدعي بأنه حصل عليها من الأعلى هذا إفتراء وكذب أيضاً.

العالم الروحي له نظامه وقوانينه الثابة والتي لا تتغير لتتماشى مع رغبات الإنسان الأنانية.

الآن سندرج النقاط المهمة لعلم حكمة الكابالا الحقيقي.

الكابالا هي حكمةٌ تكشفُ لنا عن مفهُوُم الواقع الذي هُو بالطبيعة أمرٌ مخفيٌّ عن حواسنا الخمسة.

وحتى في يومنا هذا نجدُ القليل من الناس يعلمون ما هو جوهر علم الكابالا.

نعم- علم حكمة الكابالا هو الوحيد الذي يشرح سبب وجود الإنسان وما هو هدف وجوده في هذا العالم.علم حكمة الكابالا علم نظام الخليقة وبراعة تدبير وإدارة هذا النظام تُعلم حكمة الكابالا كيف يكون بإستطاع أي شخص إدراك وحي نظام الخليقة، حكمة الكابالا تبحث فقط في كيفية إحراز هدف الخليقة حكمة الكابالا هي الطريقة الوحيدة للإنسان ليتعلم كيف يتبنى من سمات الخالق عليه من محبة

الإنسان هو محور الخليقة وهدفها. معنى عبارة - إحراز نور الخالق – هو التعرف على سمات الخالق من محبة وعطاء مطلق وتبني هذه السمات علينا في معاملة الآخرين بمحبة وكرم وحنان كما كان أبونا إبراهيم والذي كان مثال الرحمة والكرم.

إن الإنسان هو الخليقة بكاملها فبسبب سقوط أدم من العوالم الروحية نتيجة لخطيئته تحطمت نفسه وتبعثرت إلى أجزءوكل ما يُكسَر يتوجب إصلاحه.

ينبغي على كل جزء من هذه الأجزاء أن يخضع للتصحيح بتوازن هذا الجزء  مع  الأجزاء الأخرى لهذه النفس بالوصول إلى التوازن الشكلي في سماته مع سمات الخالق ليتحلى بصفة المحبة الطاهرة نحو الآخرين.

التوازن الشكلي

يشير إلى حصول الطرفين على الصفات نفسها بتعادل يسمح للطرفين أن يتواجدا على المستوى نفسه. عندما نتكلم عن التوازن في السمات مع الخالق أي أن نأخذ من سماته علينا في علاقتنا معه وفي تعاملنا وسلوكنا مع الآخرين من حولنا.

كل مخلوق يتوجب أن يخطو مراحل التصحيح  ليصل إلى العالم الروحي التصحيح مصطلح يُستخدم في علم حكمة الكابالا للإشارة إلى تصحيح  نية الإنسان التي تتحلى بها رغباته لتتحول من حب الذات إلى محبة الآخرين كنفسه.

فإن إصلاح كل جزء يسمح للنفس بأن تعود إلى مرحلتها الأولى حينما وجدت كوحدة متكاملة تشع بنور الخالق بتحليها بسماته التي تشرق فيها بشمس المحبة الطاهرة  والنية الصافية.علم حكمة الكابالا يحتوي على كل ما يحتاجه الإنسان ليصل إلى نهاية التصحيح وإلى هدف الخليقة الذي وجد من أجله في هذا العالم .

إذاً  علم حكمة الكابالا هو نظرية إكتشاف وإحراز العالم الروحي لقد كان سيدنا إبراهيم عليه السلام أول من عبر من الشعور الدنيوي المحدود إلى الشعور بالعالم الروحي. وفي كل جيل من الأجيال وجد هناك أفراد إستطاعوا إحراز العالم الروحي بمفردهم وقبل بلوغ البشرية بأجمعها إلى نهاية التصحيح وإلى درجة الكمال الروحي.

هل ترغب في إحراز العالم الروحي بنفسك ؟

هل تريد أن تطفىء النار 
التي تتقد في صدرك في معرفة هدفك في هذا العالم ؟

هل تعتقد بأن هذا الهدف مستحيل المنال ؟

لا يا أخي الإنسان

هذا الهدف ليس من المستحيل الوصول إليه

فالأشخاص الذين تضلعوا وأبرعوا في هذا العلم وكتبوا عنه هم أشخاص مثلي ومثلك كانوا يسعون لإيجاد حلول وأجوبة للأسئلة التي جميعنا نرغب أن نجد جواباً لها. لماذا ولدت في هذا العالم؟ وماذا يحدث لي بعد موتي؟ لماذا هناك معاناة وآلام في هذه الحياة؟ هل بإمكاني الشعور بالسعادة الدائمة؟ وإذا كان هذا الأمر صحيحٌ فكيف يمكن تحقيقه؟

لقد وُجدت حكمة الكابالا لتساعدك في إيجاد هدفك الذي خُلقت من أجله ولتتلقى جواباً على كل من الأسئلة التي طُرحت في هذا الدرس ولتجد السعادة الأبدية.

الأسئلة

مما تستخلصه من الدرس بشكل عام عرف علم حكمة الكابالا؟

هل لعلم حكمة الكابالا علاقة بالسحر ؟

ما معنى عبارة «إحراز نور الخالق» ؟

ما هو موضوع بحث علم حكمة الكابالا ؟

بماذا تميز أبونا ابراهيم عن غيره من علماء الكابالا ؟

ماذا يكشف لنا البحث في علم حكمة الكابالا ؟

 

الدرس الرابع

لمن وجد علم حكمة الكابالا ؟  وهل هو صحيح أن علم حكمة الكابالا هو تعليم الديانة اليهودية؟  وإذا كان علم الكابالا علم فما طبيعة علاقته بالدين؟

سنناقش جميع هذه الأمور ونوضح حقيقة الأمر بالإستناد إلى الدلائل والبراهين المنطقية.

 

 

الحلقةُ الدراسيةُ الحرةُ – المرحلةُ الأولى

الدرس الرابع

لما ولمن وجد علم حكمة الكابالا؟

نرى الكثير من الناس ينسبون علم حكمة الكابالا إلى الديانة اليهودية هل هذا صحيح؟

في الواقع إنّ علم حكمة الكابالا والدين يختلفان بشكل أساسي وخاصة من ناحية الجوهر بشكل تام.

فإن هدف الدين هو في تهدئة الناس وتغذية الأمل عندهُم في المواظبة على الصلاة كي يستجيبُ الخالق لهم ويُغير سلوكه تجاههم من دون أن يُغير الإنسان طبيعته الأنانيّة.ولكن علم حكمة الكابالا يأخذ نهجاً آخراً ومختلفاً تماماً

فكلمة صلاة في علم الكابالا تعني « قضى بأمر أو أصدر فيه حُكماً ما « أي أن الإنسان يصدر قضاء على نفسه عند تًفحُصّه الفارق بين سماته وسمات الخالق طالباً منه القوة لتصحيح سماته.

حكمةُ الكابالا: تشرحُ مُشيرةً إلى أنّ الخالق والذي هو القوى المطلقة والحاكمة للكون لا يتغير في سماته وصفاته إذ أنّهُ عظيمٌ في جُودِه تجاه خليقته وكما يُشرق شمسه على الصالح والطالح
يُغدقُ الخير على الجميع ومن دون محاباة فإن سلوكه تجاه خليقته يُوصف بأنّهُ الجيد ويُعطي الخير للجميع.

إن شعور الإنسان بالضغط المُتواصل من الخالق عليه يعود إلى الفارق المتواجد بين سمات الإنسان الأنانية وسمات الخالق الكاملة لقد سبق وتكلمنا عن معنى مصطلح التوازن الشكلي وأشرنا أنه نقطة الوسط بين نقطتين تتواجدا على المستوى نفسه.

عندما نتكلم عن التوازن الشكلي في السمات بين الخالق وبين المخلوق أي أن يتبنى المخلوق من سمات الخالق عليه من محبة صادقة في علاقته معه وفي تعامله وسلوكه مع الآخرين من حوله.

بالرغم من أنّ الخالق يستخدمُ أساليباً مُتنوعةً لتقريبنا منهُ يبقى هدفهُ الوصول بنا إلى درجة الكمال والتي يجدُ فيها الإنسانُ السعادة والراحة والإكتفاء التام. فإذا أراد الإنسانُ تغيير حياته إلى الأفضل فهُو الذي يتوجّب عليه أن يُغيّر نفسه.بالرغم من أنّ البشريّة كانت وما زالت تترجّى الخالق في أن يتغيّر ويُغيّر مجرى الحياة وقوانين الطبيعة ليجعل الإنسان سعيداً ولكن وإلى الآن نرى أن وضع العالم يزداد سؤً ولم نشهد أي تغيير إلى الأفضل،فعلى العكس إن الخالق ينتظرُ التغيير منا.ولطالما لا نتبعُ أسلوب الحكمة في تصحيح أنفُسنا سيبقى طريقنا مليئٌ بالألم والمُعاناة وستبقى المصائبُ والكوارثُ تدفع بنا لنصل وسريعاً إلى حال أسواء مما نحن عليه اليوم. فما الذي نستطيع عمله؟

نحن نشهد أن التاريخُ يعيد نفسه والبشرية اليوم تقف على حافة الهاوية فاليأسُ والخوفُ من دمار العالم الكامل يُخيّمُ كشبح لا يهزهُ ريحٌ وظلامهُ لا يدع أمام البشرية أي خيار إلاّ الهرب من المُعاناة والتي ألمها كالشوك تنخسُ ظُهُورنا. فإرادةُ الخالق هي في أن نلجاء إليه ونسأل منه المساعدة وتضميض الشرخ الذي فصل بيننا أي بين أجزاء النفس التي تحطمت. وبدلاً من أن يبقى كل واحد منا نقطة صغيرة في الكون تحوم وحيدة بلا هدف، يجمعنا الخالق  معاً في وحدوية وكالجسد نكون مترابطين برباط محبة الخالق التي تستطع كالشمس في أوجها وتُبقي البشرية على قيد الحياة.

إنّ سُلوك الخالق تجاه خليقته ذو هدف فائق الأهميّة وعظيمٌ.

علمُ حكمة الكابالا يُغير طريق سيرنا في هذه الحياة من طريق المُعاناة إلى طريق أفضل
ويفتحُ بصيرة الإنسان وينمي فيه الحدس الحاد والفطنة لمعرفة الخير والشر. لماذا معرفة الخير والشر ضرورية للإنسان؟ وكيف ستساعده في تغيير مسار حياته للأفضل؟

الأنا والتي هي المسالة أو المادة التي عُملت منها الخليقة هي الأداة التي من خلالها ننمو في الحياة فإن أحاسيسنا وشعورنا بالملذات والحياة كائن فيها، وإن جوهرنا وكياننا الحقيقي كبشر نشعُرُ به في الأنا.

 

وفي معرفة أسباب الشر تكمن الإمكانية في إصلاحه وتحسينه لنتمكن في النمو والتقدم في الحياة. أنيشتاين والعلماء معه يؤكدون بأن كلما إرتقى الإنسان بمعرفته إزداد من نور الخالق بوعيه في إرتياعه من عظمة الخالق وجبروته، ولكن بإزدياد الأنا يزداد الإنسان جهلاً. ونحن نرى نتائج الجهل في العالم والذي يود بإرجاع البشرية إلى عصر الإنحطاط.

لقد قلنا في البداية أن حكمة الكابالا هي علمٌ مفتوحٌ أمام الجميع وفي متناول كل من توفرت  لديه الرغبة الحقيقية، كيف يتماشى هذا مع ضرورة معرفة الخير والشر؟ فالرغبة الحقيقية في تصحيح الأنا فينا. وهذه الرغبة تكون نابعة من حَثِّ نفس الإنسان فيه لتصحيح طبيعته الأنانية. فيجب أن تكون الرغبة في تصحيح الإنسان لذاته صادقة ومن دون أي ضغوط خارجية  بما أن الإنسان وحده هو الذي بإمكانه اكتشاف ومعرفة رغبته الحقيقية.

معرفة الخير والشر هي المفتاح لمساعدة الإنسان في تصحيح الأنا

 أشار اسحاق بن لوريا أنه في بداية جيلنا نحن سيكون علم الكابالا مفتوحاً أمام الجميع، الرجال والنساء والأطفال وكل من يُحب المعرفة والبحث فيه بل أكّد أنهُ من المُستوجب على الجميع
 دراسة الكابالا.

الفارق الوحيد بين إنسان وآخر في طريق الكابالا هو في قُدرة كل منهما على التميز بين الخير والشر دراسة علم الكابالا تجعل الشخص ذو حس بالغ الدقة ومُرهف في التميز بين الواقع المادي والواقع الروحي، بين العطاء والتقبُّل للذات ليعي هدف الخليقة وليُحرز درجة الكمال بوصله إلى التوازن في سماته مع سمات الخالق من عطاء ومحبة مُطلقة ليعيش في هذا العالم حياة يعُمّها الأمان والسعادة.

في مقال المُقدمةُ في دراسة السفيرات العشر لصاحب السُلّم مكتُوبٌ: إذا وضعنا في قلبنا النية في محاولة الإجابة على سؤال واحد فقط أنا مُتأكدٌ بأنه لا يعود يوجد أي مكان للظن وكل الشُكوك تتلاشى من الأفق من ناحية ضرورة دراسة الإنسان لعلم الكابالا. السؤال هو: ما هو هدف حياتي"؟

جميع علماء الكابالا ضحوا بكل ما لديهم كي يمنحوا البشرية السبيل لحياة أفضل ويفتحوا الطريق أمام كل إنسان بدون فرق فأينما كنت أيها الإنسان مهما كان جنسك أو عِرقك أو لغتك أو دينك فالطريق مفتوح أمامك فإذا كانت الرغبة متوفرة لديك فاقرع على باب الخالق فهو ينتظر دعاءك له. تذكر دائماً أن كل شيء يعتمد عليك أنت  

 الأسئلة

ما الفرق بين علم حكمة الكابالا وبين الدين؟

ما هو هدف الخالق تجاه خليقته؟

ما هي الصلاة الحقة والتي يستجيب إليها الخالق؟

ما هو العامل الأساسي في تصحيح الأنا؟

ما هي ضرورة معرفة الخير والشر الإنسان؟

من يستطيع البحث والدراسة في علم الكابالا؟ هل المجال مفتوح أمام الجميع أو أنه محصور على فئة محددة من الناس؟

 

الدرس الخامس

علم حكمة الكابالا والفلسفة- هل يوجد هناك علاقة بين علم الكابالا والفلسفة؟ ما نقاط التشابه وما الفرق في نظرية كل منهما؟

 

 

الحلقة الدراسية الحرة – المرحلة الأولى

الدرس الخامس

علم حكمة الكابالا والفلسفة

هل علم حكمة الكابالا فلسفة؟

أو هل لحكمة الكابالا أي علاقة بالفلسفة؟

معنى كلمة فلسفة : الفلسفة  كلمة يونانية مركبة من جزأين:  فيلو- ومعناها حب،  وسُوُفيا- ومعناها حكمة  أي حبُّ الحكمة. الفلسفة في بادئ عهدها في أيام طاليس كانت تبحث في أصل الوجود وصانعه، والمادة التي أوجد منها الكون، أما الفلسفة في العصر الحديث أخذت بالسعي وراء المعرفة بخصوص مسائل جوهريّة  في حياة الإنسان كالموت والحياة.

أما سقراط فقد حول التفكير الفلسفيّ من التفكير في الكون وعناصر تكوينه  إلى البحث في ذات الإنسان وهذا أدى إلى تغييركبير في معالم الفلسفة بتحويل نقاشاتها  إلى طبيعة الإنسان وجوهره،  والإيمان بالخالق، والبحث عنه، واستخدام الدليل العقليّ في إثباته.

 واستخدم سقراط الفلسفة في إشاعة الفضيلة بين الناس والصدق والمحبة، وكان سقراط وأفلاطون معتمدين على العقل والمنطق كأساسين من أسس التفكير السليم الذي يسير وفق  قواعد تحدد صحته أو بطلانه.

أرسطو هو الوحيد الذي أجاب عن السؤال الذي يتعلق بماهية الفلسفة إذ قال أن معنى الفلسفة يرتبط بماهية الإنسان التي تجعله يرغب بطبيعته في المعرفة بعد التغييرات الهائلة التي حصلت منذ أيام أرسطو وأفلاطون  لم يعد دور الفيلسوف حب الحكمة والبحث عنها بالعقل بالرغم من عدم وجود المعرفة المتوفرة لبنية الكون.

 فإنّ الفيلسوف الآن بات مقيّداً بالكثير من المناهج والقوانين المنطقيّة وبحصيلة النظريات العلمية وتطبيقاتها التكنولوجية التي لا تترك مجالاً للشك في مشروعيتها بناءً على ذلك لم يعد تعريف الفلسفة متوافقاً مع الدور الذي يمكن أن يقوم به الفيلسوف المعاصر والذي يختلف كثيراً عن دور الفلاسفة من العصور السابقة.

الفلسفة هي علمٌ يدرسُ الواقع والوجود من حيث طبيعتهما الأساسيَّة  ويدرس ماهيَّة الأشياء أيضاً من الباحثين مَن يقسّم علم ما وراء الطبيعة إلى ميدانين:

  • علم الوجود وعلم الكون. فعلم الوجود يدرس الموجودات،
  • أما علم الكون فيدرس نظام الكون وتاريخه ومستقبله

 يتناول علم ما وراء الطبيعة الأمور التي تبحث في الواقع وفي المبادئ والمفاهيم العامة  كموضوع الإرادة الحرة وإذا ما كان الإنسان يمتلكها. والنظريات التي نشأت من علم ما وراء الطبيعة هي:  المادية والمثالية والآلية والغائية.

النظريات الأربعة لما وراء الطبيعة تؤكد المادية أن المادة وحدها هي التي لها وجودٌ حقيقي، والمشاعر والأفكار هي ناتجةٌ عن نشاط المادة .

أما المثالية فتؤكد أن أي شيء مادي إنما هو فكرةٌ أو شكلٌ من أشكال الفكرة وبمقتضاها فإن الظواهر العقلية هي وحدها المهمة والمطابقة للحقيقة.

أما الآلية فتؤكد أن كل الأحداث إنما ناتجةٌ عن قوة آلية محضة، وليس عن غاية معينة، إذ لا يعقل أن نقول أن الكون في حد ذاته ذو غاية معينة في وجوده.

أما الغائية فهي على العكس، تقر بأن الكون وكل شيء فيه يتصف بالوجود والحدوث من أجل غاية معينة.

بحسب علم حكمة الكابالا إن الشخص في هذا العالم يتألف من أربع درجات أو مستويات  الجماد- النباتي- الحي- والمتكلم .نحن نرى درجات الجماد والنباتي والحي في الطبيعة من حولنا، كذلك درجات الجماد والنباتي والحي توجد في الطبيعة البشرية وهما نظامين يتم إدارتهما تلقائياًمن ناحيتنا والكل يعمل معاً وذو تأثير علينا.

  • الجماد
  • النباتي
  • الحي
  • درجة المتكلم

أما بالنسبة لدرجة المتكلم والتي هي جزء من نفس أدم في الإنسان والقائمة فوق درجات الجماد والنباتي والحي  تتوجب أن توجد في توافق مع طبيعة القوى العليا ولكن القوى العليا لا تقوم بإدارتها إذ أنها بمثابة بصيرة أو حسن تميز في داخل الشخص فمن واجب الإنسان أن يكمل نفسه  في إطار حرية الإختيار لديه، أي أن ينمي درجة المتكلم فيه ليصبح متجانسا ومتوازنا في السمات مع طبيعة القوى العليا.

فإن هذا ما يجعلنا بشراً

عبر العصور نرى أن البشرية حاولت وفي أكثر من أسلوب أن تجد سبيلاً لفهم طبيعةالجزء الإنساني من رغبة الشخص  وكيف تستطيع التأثير عليه ليستطيعالشخص قبول العالم الذي يعيش فيه مُقدراً الحرية التي وهبت له. 

أما علم حكمة الكابالا فهو يختص بدراسة ماهية الإنسان ودوره في هذا العالم، إذ أن كل شيء يراه الإنسان ويشعر به ويدركه من معرفة كله نابعمن فكره. ولكن درجة الفهم والإدراك الصحيح للجزء الإنساني فينا يتوجب علينا اكتسابها  لهذا السبب نجد أنّ الفلسفة تتعامل مع الأشياء المجردة . وفي محاولة البشريّة معرفة  ما تحاول الفلسفة أن تقدمه للناس ظهر أنه أمرٌ لم يكن باستطاعة البشر إحرازه وذلك لعدم قدرتهم على الإحساس به فعلى مر العصور بذل الفلاسفة أقصى جهودهم كي يقدموا للبشرية  جواباً عن الوجود وعن حياة الإنسان فيه ولكنهم عجزوا لأن تجاربهم لم تكن قائمة على قوانين علمية بل على أمور مجردة والتي بالتالي جلبت المعاناة للبشرية  فعلى مر العصور بذل الفلاسفة أقصى جهودهم كي يقدموا للبشرية  جواباً عن الوجود وعن حياة الإنسان فيه ولكنهم عجزوا لأن تجاربهم لم تكن قائمة على قوانين علمية بل على أمور مجردة والتي بالتالي جلبت المعاناة للبشرية

ولذلك نرى الفلسفة في يومنا هذا مركونة على الرفوف بما أن البشرية  قررت التعامل مع الحياةبناء على مبدأ  " القاضي لا يملك إلا ما تراه عيناه"لذلك توصلت الفلسفة إلى ما هو عليه اليوم  إذ أنها أصبحت مجرد أمر سطحي لا يأخذه الناس بإعتبار، بل تحولت إلى كل ما يستطيع المرء فلسفته من الخيال والنزوات الخيالية عن الحياة.

لا يوجد فلسفة نقية اليوم بل أن الفلسفة أخذت تمتزج بعلم النفس وعلوم أخرى متنوعة فنحن نرى أن التكنولوجيا بدأت في الدخول في مجالات العلوم والفلسفة  للبحث عن مصادرها  ولذلك نحن نرى اليوم أن الفلسفة ليست حية بحد ذاتها  ولولا إرتباطها بالعلوم الأخرى لم تكن قادرة على التواجد إلى الآن.

فما هي الفلسفة؟

موضوع الفلسفة وعلاقتها بعلم الكابالا كان أمر مهم جداً عند صاحب السلم تعالوا لنرى ما يقول فيه « أن الفلاسفة يعتقدون أنهم يعلمون الجواب لجوهر الحياة  بالرغم من أن لديهم آلاف من الآراء المتنوعة حول موضوع جوهر الحياة وهدف الإنسان فيها  وذلك لأن جميع أجوبتهم قائمة حسب أحداث التاريخ المتقلبة وبما أن التاريخ في هذه الحالة يشكل سلسلة من الأخطاء وخيبات الأمل المتكررة على مدى حقباته مما يجعل نتائجهم وحلولهم لا صلة لها بالموضوع نفسه  كي يكونوا مؤهلين لإعطاء جواب صحيح عن موضوع جوهر ومعنى الحياة »


فمن ناحية تنص الفلسفة على ان الروحي هو ما أنتج المادي وإن النفس هي التي أوجدت الجسد ولكن هذا القول يشكل معضلة ليس لها حل إذ أنها تربط العالمين الروحي والمادي معاً مناقضة ما تدعيه على أنه لا يوجد أي علاقة أو تداخل بين الروحي والمادي فكيف وعلى هذا الحال يكون من الممكن أن المادي يُولد من الروحي؟

بما أن علم حكمة الكابالا علم إختباري فهو لا يتكلم عنما هو خارج إمكانية الإنسان فيما يستطيع إحرازه  آخذاً بعين الإعتبار أن الغير موجود ليس ذو قيمة أقل من الموجود.  

مبداءالكابالا الرئيسي ينص على أن كل ما لا يستطيع الإنسان إحرازه لا يمكن تسميته. فكل ما لا يستطيع الإنسان الإحساس بتأثيره عليه لا يستطيع إدراكه. فن ناحية لدينا النور القادم من العالم الروحي ومن ناحية أخرى لدينا الخليقة «الأنا» والتي هي بمثابة الإناء الذي تشعر به الأنا بنور الخالق. ففي حال عدم تواجد النور في داخل هذا الإناء كيف يستطيع الإنسان إدراكه وتسميته؟ 

فكلمة النور

كلمة ذات معنى مجازي ومن الصعب على الإنسان الإحساس بها وبالتالي إدراكها يتكلم علم الكابالا عن التفاعل الذي يتواجد بين النور والإناء ولا يتكلم أبداً عن جوهر وماهية النور ذاته.

من الممكن أن يحرز الإنسان النور، وعلمياً هذا يدعى « المادة والشكل» فعندما تأخذ المادة شكلاً ما عندها يستطيع المنطق الإنساني إدراكها وتعريفها وتسميتها. وهكذا يصبح الشكل نتيجة الإنطباع الذي حصل عليه الشخص  من خلال الشعور الذي اختبره.   

من المعروف أن كلمة «حُب» ذات معنى مجرد  وإذا لم ترتبط بإسم أو بشيء لا يمكن للإنسان إدراكها. ولكن إذا أعطيناها شكلاً ما كما في قولنا «حب الخالق» عندها يمكن إدراك المجرد بسبب إكتسابه شكلاً معيناً.

من هذا المنظور نرى بأن جوهر الحب والنور متماثلان في المفهوم بما أن كلاهما ذو معنى مجرد. وبما أننا نتكلم عن الحب، لنقل أنك تلقيت هدية من شخص عزيز عليك، هنا نرى أن المحبة تأخذ طابعاً قوياً ليس بسبب قيمة الهدية بل بسبب معزة المعطي ومقامه في نظرك، وشعورك بالمحبة هو ما يعطي الموقف أهمية كبيرة عندك فيصبح إحرازك للشعور بالمحبة أمراً مجرداً تماماً عن المادة ليبقى هذا الشعور من خلال الإنطباع الذي خلفه في داخلك بينما لا تترك الهدية أي أثر في القلب.  

وهذا ما يدعى « الشكل في علم حكمة الكابالا» النور هو الهدية أي المادة والشعور بالمحبة هو الشكل. إذا وُجد الحب بين شخصين
 فمن المتوجب على الإثنين التواجد على المستوى نفسه.

قد أشرنا في الدرس الثاني إلى تقسيمات درجات العوالم الروحية وبحسبها سنقوم بتحديد مستويات درجة المحبة توافقاً مع كل عالم:

  • فِعل تقديم الهدية متواز مع مستوى عالم عاسيَّا.
  • تقديم الهدايا المتكرر  متواز مع مستوى عالم يتسيرا.
  • إظهار جوهر المحبة يدعى بعالم برييَّا.

 هنا تبدأ دراسة الشكل في علم الكابالا إذ أنه في هذه المرحلة يصبح الإنسان قادر على الفصل بين إنطباع المحبة والهدية ودورها.

إن جوهر المادة يكمن في القوة المتواجدة فيها. وتعريفنا لقوة بنكران إرتباطها بمادةٍ معينةٍ هو شيئ بعيد عن المنطق. فإلى أن يتطور العلم ليأخذ شكله الكامل والمثالي يجب علينا أن نعتمد على ما هو ذو واقع صلب وملموس.

بحسب علم حكمة الكابالا وبناءً على نظرية المادة والشكل، نرى أن الكون مؤلف من الإناء أي الرغية ومن النور أي الشعور بالملذة، والفرق بينهما يظهر في مرحلة  الخليقة الأولى في إنفصال الرغبة عن القوى العليا حين كانت الرغبة ممتلئة بنور الخالق بشكل كامل.

وهكذا أن تقدير ححجم المسرة أو الملذة يكون حسب حجم الرغبة. إن الخليقة أي الإرادة في التقبّل في مرحلتها الأولى منقسمةٌ إلى فئتين:

* جوهر المتلقّي– الرغبة في التلقّي أو جسد الخليقة، والتي هي الإناء لتلقّي المسرات.

* وجوهر الملذة نفسها– أي النور، نور الخالق الذي يفيض بإستمرار نحو خليقته.

وهكذا فإنّ كل جزء من أجزاء الكون يتكون من خاصيتين متداخلتين، لأنالإرادة في التقبّل هي أساس الخليقة وهي سمةٌ لا تتواجد في القوى العليا ولذلك دعيت بالخليقة أو المخلوق.

بالنسبة عن كيفية إبداء الروحي لما هو مادي وبعث الحياة فيه يبدو أنه أمرٌ صعب الإدراك إذا اعتبرنا أنه لا يوجد هناك علاقةٌ بين الروحي والمادي.

ولكن واستناداً على بحوث وتجارب علماء الكابالا الموثقة ببراهينٍ قائمةٍ على قوانين الطبيعة العلمية والفيزيائية فقد اكتشفوا بأن هناك تشابهٍ وتماثلٍ بين كل ميزةروحية ومثيلتها في العالم المادي ومن هنا نجد بأن الفرق يكمن في المادة فقط أكانت روحية أم مادية، إذ أن جميع السمات الروحية تعمل من خلال المادة في العالم المادي.

هناك ثلاث مفاهيمٍ خاطئة في محاولة فهم ماهية الروحيوالمادي:

* إن قوة الفكر الإنساني هو جوهر الإنسان أي نفسه الخالدة.

* إن الجسد البشري عبارةعن إمتداد للنفس وناتج عنها.

* الجوهر أو المادة الروحية ذو تركيبة بسيطة وغير معقدة.

إن هذه الإفتراضات الخاطئة أثبتت عدم صحتها من قِبَل علم النفس المادي ومنذ ذلك الحين أُثبتت بأن كل من يبغي إحراز العالم الروحي يستطيع ذلك فقط عن طريق علم حكمة الكابالا.

الأسئلة

ما هو المبدأ الأساسي في علم حكمة الكابالا بالنسبة لقانون الإحراز؟

ما هي درجات المحبة الأربع؟

ما فئتا الإرادة في التقبل؟

ما هي درجات أو مستويات الرغبة التي يتألف الإنسان منها؟

 ما هي درجة المتكلم؟ ولما من الضروري على الإنسان تنميتها؟

 ما الأمور التي يعالجها علم الكابالا؟ 

 

الدرس السادس

علم حكمة الكابالا وعلم النفس - ما علاقة مستويات الطبيعة بالرغبة عند الإنسان؟ لماذا لم ينجح علم النفس في مساعدة الإنسان إلى الوصول إلى مفهوم معنى حياته وسبب وجوده في هذا العالم؟

 

 

الدورة الدراسية الحرة – المرحلة الأولى

الدرس السادس

علم حكمة الكابالا وعلم النفس

هل هناك أي علاقة بين علم حكمة الكابالا وعلم النفس؟  وما نوع التداخل بينهما؟

هناك أسلوبين من التعامل بين الناس في المجتمع الإنساني وهما الأخذ والعطاء هاتان القوتان المتناقضتان تتواجدان معاً على كل مستوى من مستويات الطبيعة.

بحسب قوانين الطبيعة كل فرد في المجتمع يتلقى حاجته من مجتمعه   وفي المقابل يتوجب عليه أن يكون عضواً فعالاً في هذا المجتمعلبنائه.

  • هل ترى هذا واقعاً في حياتك اليومية؟

  • هل تشعر بتأثير هاتين القوتين عليك في حياتك؟

تثبت العلوم حقيقة وجود قوتين في كل درجة أو مستوى من مستويات الطبيعة. وكل قوة مفعمة بالحيوية وفعالة في دورها سنعمل على شرح كل قوة على كل مستوى من مستويات الطبيعة ونصحبها بمثال للتوضيح إذا تعالوا معنا لنخوض معاً هذا النقاش ونعرف الحقيقة

كما أوردنا سابقاً بأن في الطبيعة ثلاث مستويات وهي: الجماد والنباتي والحي . وأي حدث يأخذ مجراه يكون بسبب تفاعل القوتين المتناقضتين الموجودتين في أساس بنية الخليقة. 

لنبدأ بمستوى الجماد

في مستوى الجماد نحن نرى القوتان تتمثلان في المواد الكيميائية من جهة والأفعال المكانيكية من جهة أخرى. فإذا نظرنا في عملية التجوية نرى بأن التجوية المكانيكية تحدث عندما يتفاعل الهواء أو الماء مع المعادن المكونة للصخور فيؤدي إلى تغيير في تركيبها الكيميائي وانتاج مادة جديدة أو صخر جديد.

 

فيما يتعلق بالتجوية الميكانيكية والتي يطلق عليها أحيانا التجوية الفيزيائية هي عملية تفتت الصخور إلى أجزاء أصغر دون حدوث أي تغيير فيتركيبها الكيميائي أو إنتقالهاإلى مكان آخر. وتظهر هذه العملية في عدة أوجه:

العامل البري أي "الرياح والمياه والجاذبية". فعندما تتجمد المياه في الشقوق حيث تتمدد في الصخر تعمل على تشققه. وهناك أيضاً عامل تأثير جذور النباتات والذي يعمل أحيانا على تفتيت الصخور خلال مراحل نموها. وأيضاً الحيوانات عندما تبني بيوتها في التربة أو تختبىء تحت التراب

في المستوى النباتي من الطبيعة نرى هاتان القوتان من خلال عملية التركيب الضوئي. ويتبين هذا من خلال عملية كيميائية معقدة تحدث في خلايا البكتريا الزرقاء وفي صانعات اليخضور والتي تدعى أيضاً بالكلوروبلاست في الطحالب والنباتات حيث يتم تحويل الطاقة الضوئية الشمسية فيها من طاقة كهرومغناطيسية على شكل فوتونات أشعة الشمس إلى طاقة كيميائية تخزن في روابطها مادة الجلوكوز.

وهذه العملية تتم في دورتين:

 تدعى الأولى بتفاعلات الضوء وهي تفاعلاتٌ تعتمد على وجود الضو.

وتدعى الثانية بتفاعلات الظلام وهي التفاعلات التي تعمل ليلاً وفي الظلام استغلالاً للمنتجات النهارية التي أنتجت في الضوء.

أما على مستوى الحي من الطبيعة نرى هاتان القوتان تظهران في الخلايا والأعضاء. فالخلية هي الوحدة التركيبية والوظيفية في الكائنات الحية. فكل الكائنات الحية تتركب من خلية واحدة والتي في إنقسامها تنتج مجموعة الخلايا المتشابهة في التركيب والتي تؤدي معاً وظيفة معينة في الكائن الحي.

أما الأعضاء أي الأحشاء في الجسد فالعضو منها هو عبارة عن مجموعة من الأنسجة التي تقوم بوظيفة أو عدة وظائف معينة. هاتان القوتان تظهران بشكل خاص على درجة الإنسان والذي ينتمي إلى العالم الروحي.  

أما فيما يتعلق بالإنسان فقد ظهر تطوره كنتيجةٍ لتطور الأنا فيه. ففي تواجده في مستويات الجماد والنباتي والحي في الطبيعة  نرى بأن الشخص يتطور بشكل حيوي ومستمر تحت سيطرة الأنا والرغبات الأنانية والتي تتغلب على الرغبة الفطرية والساذجة فيه لتصبح أكثر تعقيداً.

تقسم الرغبات إلى نوعين

 الرغبات الجسدية والتي تتجلى في حاجات الإنسان في البقاء والإستمرار كالطعام والجنس وبناء العائلة وللرغبات الإنسانية في تحصيل الثراء والإحترام والسلطة والمعرفة، وتتجلى أيضاً في الرغبات الروحية.


فإذا جزأنا محور الزمن لتطور البشرية نجد أنه منذ حوالي القرن الخامس قبل الميلاد وحتى الخامس بعد الميلاد كان العالم يطمح إلى الثراء. طبعاً إن تحديد الزمن قابل للمناقشة وتنازع الأراء وذلك يعتمد على نوعية الحضارات المختلفة التي ظهرت في هذه الحقب الزمنية.
ومنالقرنالخامسإلىالقرنالخامسعشرنجد بأن الرغبة في تحصيل السلطة تعاظمت. فالعصور الوسطى لم تكن المرحلة الزمنية التي نجد فيها أن الإنسانية قد فتر نموها وكأنها وصلت إلى مرحلة الجمود، لا بل أنها كانت في الواقع مرحلة نمو داخلي عميقٍ والذي تمثل في الأحداث المختلفة لهذه المرحلة الزمنية.

أما المرحلة التالية لنمو الرغبة تتحدد من القرن الخامس عشر إلى القرن العشرين والتي فيها ظهر الطموح وراء المعرفة. وبعد ذلك أخذ كل شيء بالتضاؤل حتى بداية القرن العشرين حين ظهور حقبة جديدة والتي بدأت فيها ظهور الرغبة والإدراك الحسي لمعرفة الإنسان لمعنى الحياة.

بالرغم من أننا نجد أول تساؤلات في موضوع علم النفس في عصر مصر القديمة باللغة الهيروغليفية، وفي كتابات الفيلسوف الإغريقي أفلاطون لكنها جميعها أتت على مستوى خارجي ولم تمس جوهر الإنسان الداخلي بما أنه في هذه المرحلة لم يظهر علم النفس على مستوى العامة

فعلم النفس هو الدراسة الأكاديمية والتطبيقية للسلوك والإدراك والآليات المستنبطة لهما.

علم النفس هو الدراسات العلمية للسلوك والعقل والتفكير والشخصية ويمكن تعريفه بأنه الدراسة العلمية لسلوك الكائنات الحية وخصوصاً الإنسان وذلك بهدف التوصل إلى فهم هذا السلوك وتفسيره والتنبؤ به والتحكم فيه  ولكن وبعد مرور الفترة الأولى من نمو علم النفس بدأت تظهر خيبات الأمل في قدرته على مساعدة الإنسان إذ أنه كان محصورا في تهدئته بدلا من إظهار مراحل نموه ومساعدته على تنمية رغباته.

لذلك أخذ علم النفس يتضاءل في تأثيره وفعاليته ليتحدد دوره في التطبيقات العملية وفي تطبيق نظرياتٍ مختلفةٍ ونشر مقالاتٍ متنوعةٍ هدفها فقط إراحة الناس، وأخذت النتائج صبغة الخدمة إذ أصبح علم النفس في خدمة إخماد رغباتالناس بدلا من تنميتهم والوصول بهم إلى أعلى مراحل نمو الرغبة، أليس هذا هو الهدف من علم النفس.

أما الآن فتعالوا لننظر إلى الموضوع من وجهة نظر علم حكمة الكابالا

من منظور علم حكمة الكابالا تتواجد هاتان القوتان في الطبيعة،   قوة العطاء أي القوة الإيجابية، وقوة التقبل أي القوة السلبية وتتبلور هاتان القوتان على درجات البيولوجية والجسدية والأخلاقية. وتتجلى في نظام متوازن في الطبيعة.

 فإذا كانت هاتان القواتان متوازنتان في الجسد الإنساني يكون الجسد صحي وصحيحٌ. وأيضاً إذا كانت هاتان القوتان متوازنتان في الطبيعة يعني أن الطبيعة في حالة راحةٍ تامةٍ. فإن عدم التوازن هو الذي يؤدي إلى كل أنواع الحركة.

إن عدم التوازن ضروري في الطبيعة لأنه يجلب الحياة إذ أنه نتيجة التفاعل المستمر بين القوتان ولكن في حدود معينة وإن الإختلاف الذي في العلاقة بينهما هو الذي يبدع الحياة.

فعلى سبيل المثال إن إتساع وإنقباض الصدر في عملية الشهيق والزفير وخفقان القلب وكافة الأعضاء الأخرى جميعها مبنيةٌ على نظام الحركة المتبادلة للقوتان المختلفتان والتي تدعم الواحدة الأخرى بشكل كامل متممةٌ كل واحدة عمل الأخرى. والحياة هي نتيجة هذا التفاعل والتي تظهر وتستمر بناءً على التفاعل المضبوط والمتناغم والمنسجم لهاتين القوتين خلال عملية النمو المتزايدة سنصل إلى نقطة فيها يبلغ الجنس البشري بكامله إلى هذا النوع من التفاعل المتناغم في التعامل معاً.

وكما أن عملية التنفستعمل في تناسق بين الشهيق والزفير هكذا التناسق يجب أن يكون بين قوة العطاء وقوة التقبل في التتفاعل لتكمل الواحدة عمل الأخرى. نستطيع العيش في حالة انسجام وتوازن معاً عندما تكون قوة العطاء تساوي قوة الأخذ.

فالطبيعة هي التي تأتي بنا إلى حالة التوازن هذه إذا كان لدينا العزم والنية للوصول إلى هذه النقطة إذ أن التوازن هو الإتجاه العام للطبيعة.

نحن لا نستطيع عمل أي شيء لتغيير قوانين عمل الطبيعة، فالتوازن هو القانون الذي بني عليه الوجود بكامله. كل ما نستطيع عمله هو إدراك كيفية تطبيقه في طريقة تعاملنا مع أفراد البشرية ومع البيئة لنصل إلى حد نستطيع فيه الوصول إلى الهدف النهائي براحة وسهولة.
 من المتعارف عليه منذ القدم أن علماء الكابالا برغبتهم في إظهار العالم الروحي كان يتوجب عليهم أن يبدأوا من عالمنا ليمهدوا الطريق أمامهم من خلال دراستهم وبحثهم في أنواع العلوم المختلفة والتي تتطلب منهم جهودا عظيمة ومعاناة أعظم أي أنه توجب عليهم إنتزاع أنفسهم من المادة ذاتها التي عملوا منها ليأتوا بأنفسهم إلى مرحلة يكونوا فيها قادرين على إظهار العالم الروحي وإظهار نظامه في نوع الترابط بين البشر بشكل صحيح.


ولكن بعد ذلك ظهرت كتابات الآري والتي شرح فيها نوعية الترابط الداخلي الذي يوحد الناس من خلال نظام خاص من العلاقة المترابطة نرى أن نوع الترابط في العالم الروحي نفسه في عالمنا هنا  إلا أن الفارق الوحيد هو في النية وراء الإرتباط فأن الترابط في العالم الروحي قائمٌ على ميزة العطاء على عكس ما هو في العالم المادي.

فكما الحال في نوعية شبكة ترابط العلاقات فيما بيننا في عالمنا هنا هكذا الوضع أيضا بالنسبة للعالم الروحي إلا أن شبكة الإرتباط هذه داخليةٌ أي ترابط النقاط في القلب عند البشر بعضها مع بعض.

وهكذا نتحول من علم النفس المادي إلى الروحي والذي من خلاله نُظهر الترابط الحقيقي بين أجزاء النفس البشرية المبعثرة.

لقد شرح لنا عالم الكابالا الآري بكل التفاصيل أجزاء شبكة الترابط بين النفوس وواقعية عمل الترابط في يومنا هذا، أنه من خلال عملنا وترابطنا في المجموعة نستطيع جذب النور الذي يقوم بتصحيحنا من خلال نظام هذه الشبكة. لسنا أننا نحرز الترابط عن طريق رغباتنا وقوانا الجسدية بل بالأحرى عن طريق جذب النور المحيط النابع من نظام شبكة الترابط في العالم الروحي هو الذي يقوم بتهذيبنا وإصلاحنا.

إذا قمنا بدراسة بنية هذا النظام عاملين على تحقيق أسلوب الترابط نفسه فيما بيننا عندها يكون من غير المهم فهم التفاصيل التقنية لهذا النظام، فليس بالمعرفة نستطيع الإحراز بل بواسطة الجُهد الذي نبذله  إذ أن الجهد هو الذي يوقظ تأثير القوى العليا علينا.

وكما هو الحال في عالمنا إذا أراد الشخص إحراز أي نظامٍ في أي مجالٍ ما يجب أن يندمج هذا الشخص بهذا النظام ليصبح جزء منه ليستطيع الإحساس به عند دراسته له، هكذا الحال عند دراسة نظام العالم الروحي، فعندما نصل إلى مرحلةٍ نستطيع الإحساس به، فجأة تظهر صورة هذا النظام في داخلنا وندرك كيفية عمله ونظام الإرتباط به.

وأما بالنسبة للتغيير الذي يحصل في الإنسان، الشيء الوحيد الذي يتغير هو النية عنده تجاه أي عملٍ ما يقوم به، وعندما يصبح الشخص جزء من هذا النظام يصبح عمله من خلال ميزة العطاء، وكلما زاد إرتباطه به كلما زاد تقدمه نحو إظهار عمل هذا النظام ليعلم كيفية العمل مع القوى العليا "سمة العطاء" والإرادة في التقبل التي فيه ليجمع عملها في انسجامٍ تامٍ.

هذا عملٌ عظيمٌ جدا ويتطلب من الإنسان العمل في الدراسة مع المجموعة وتحت توجيه عالم كابالا. كان معروفا عن صاحب السلم إحترامه لعلم النفس المادي بما أنه فتح الباب أمام علم حكمة الكابالا. يتكلم علم النفس عن قوات نفس الكائن الحي والتي تتواجد في عالمنا هذا على درجة الوجود الدنيوية.

يتكلم علم الكابالا عن نمو هذه القوات في الإنسان عندما يبدأ هو بالنمو.  ويعود الفضل في ذلك إلى الشرارة الروحية في داخله "النقطة في القلب"  والتي هي جزءٌ من نفس أدم لتيقُظها ولعمل النور في تصحيح الرغبات لتتمكن النقطة في القلب من النمو.

 فإن النور يؤثر على الإنسان وكأنه شيءٌ من الخارج ولكن في الحقيقة إن يقظة النور تأتي من داخله توافقا وانسجاما مع طلبته مناجيا الخالق في الرغبة من الإقتراب منه. عندما تبدأ النقطة في القلب في النمو يشعر الإنسان بقوة النفس العظيمة وهذا يعني بداية نمو سمة العطاء فيه، وكلما أحرز من التقدم كلما زاد نموه ليعي درجات قوة النور إذ أن لكلٍ منها  جذوره الروحية الخاصة بها،

ومباشرة تعمل هذه القوات معا رابطة الشخص بلغة علم حكمة الكابالا. ولكن يجب أن نعي بأن كل هذه القوات هي قوات النفس الداخلية في الإنسان. هذا هو علم النفس الروحي، علم حكمة الكابالا.

الأسئلة

إشرح منظور علم حكمة الكابالا للقوتين الموجودتين في الطبيعة؟

ما هو دور النقطة في القلب عند الإنسان في عملية التصحيح؟

ما القوتان اللتان تتواجدان في الطبيعة وما ميزة كلٍ منهما؟

ما هي أنواع الرغبات وكيف تتبلور في كلٍ من مستويات الطبيعة؟

عرف علم النفس؟

 

الصحيفة الشهرية

أضف الموضوع إلى صفحتك

Soundcloud


إكتشاف أسرار الوجود

إكتشاف أسرار الوجود والحكمة الخفية وراءه

 

إكتشاف أسرار الوجود
والحكمة الخفية وراءه
للتحميل الكتاب


إكتشاف أسرار الوجود - سؤال وجواب

 

إكتشاف أسرار الوجود -
سؤال وجواب
للتحميل الكتاب

دروس في علم الكابالا

self study-kabbalah.info

الحلقة الدراسية الحرة

هدف هذه الدورة الدراسية هو إعطاء 
فكرة عن ماهية علم حكمة الكابالا
وكتاب الزوهار 

  بإمكانك إرسال سؤالك من عبر الموقع 
وتتلقى جواباً